التفاسير

< >
عرض

وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
٧٣
وَإِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ عَنِ ٱلصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ
٧٤
وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِّن ضُرٍّ لَّلَجُّواْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ
٧٥
-المؤمنون

اللباب في علوم الكتاب

قوله: { وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } وهو الإسلام. { وَإِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ عَنِ ٱلصِّرَاطِ } عن دين الحق "لَنَاكِبُونَ" لعادون عن هذا الطريق، لأنَّ طريق الاستقامة واحد وما يخالفه فكثير.
قوله: "عَنِ الصِّرَاطِ" متعلق بـ "نَاكِبُونَ" ولا تمنع لام الابتداء من ذلك على رأي تقدّم تحقيقه. والنُّكُوب والنَّكْبُ: العدول والميل، ومنه: النَّكْبَاء للريح بين ريحين، سُميت بذلك لعدولها عن المهاب، وَنَكَبَتْ حوادثُ الدهرِ، أي: هَبّت هبوب النَّكْبَاء.
والمَنْكِبُ: مجتمع ما بين العَضُدِ والكتف، والأَنْكَبُ: المائل المَنْكِب، ولفلان نِكَابَة في قومه أي: نقابة فتشبه أن تكون الكاف بدلاً من القاف، ويقال: نَكَبَ ونَكَّبَ مخففاً ومثقلاً.
قوله: { وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِّن ضُرٍّ } قحط وجدب وقيل: ضرر القتال والسبي. وقيل: مضار الآخرة وعذابها.
قوله: "للجُّوا" جواب "لَوْ"، وقد توالى فيه لاَمَان، وفيه تضعيف لقول من قال: جوابها إذا نفي بـ (لم) ونحوها مما صدر فيه حرف النفي بلام أنه لا يجوز دخول اللام ولو قلت: لو قام لَلَمْ يقم عمرو، لَمْ يجز، قال: لئّلا يتوالى لامان، وهذا موجود في الإيجاب كهذه الآية، ولم يمتنع، وإلا فما الفَرْق بين النفي والإثبات في ذلك واللّجَاجُ: التمادي في العناد في تعاطي الفعل المزجور عنه، ومنه اللَّجَّة: بالفتح: لتردد الصوت، كقوله:

3805- في لَجَّةٍ أَمْسِكْ فُلاَناً عن فُلِ

ولجَّة البحر لتردد أمواجه، ولَجَّةُ الليل لتردّد ظلامه. واللَّجْلَجَةُ تردّد الكلام، وهو تكرير لَجَّ، ويقال: لَجَّ والتَجَّ. ومعنى الآية: لتمادوا في طغيانهم وضلالهم وهم متحيرون لم ينزعوا عنه.