التفاسير

< >
عرض

لَّوْلاۤ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُواْ هَـٰذَآ إِفْكٌ مُّبِينٌ
١٢
-النور

اللباب في علوم الكتاب

قوله تعالى: { لَّوْلاۤ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ } "لَوْلاَ" هذه تحضيضية، أي: هَلاَّ، وذلك كثير في اللغة إذا كانت تلي الفعل كقوله: { لَوْلاَ أَخَّرْتَنِي } [المنافقون: 10] وقوله: { { فَلَوْلاَ كَانَتْ } [يونس: 98].
فأما إذا ولي الاسم فليس كذلك كقوله:
{ { لَوْلاَ أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ } [سبأ: 31]، { { وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ } [النساء: 83]. و"إذْ" منصوب بـ "ظَنَّ" والتقدير: لولا ظَنَّ المؤمنون بأنفسهم إذ سَمِعْتُمُوه. وفي هذا الكلام التفات. قال الزمخشري: فإن قلت: هلا قيل: لولا إذ سمعتموه، ظننتم بأنفسكم خيراً وقلتم، ولِمَ عَدَل عن الخطاب إلى الغيبة وعن الضمير إلى الظاهر؟ قلت: ليبالغ في التوبيخ بطريقة الالتفات، وليصرح بلفظ الإيمان دلالة على أن الاشتراك فيه مقتض ألا يصدق (أحد قالةً في أخيه، وألا يظن بالمسلمين إلا خيراً).
وقوله: "وَلِمَ عدل عن الخطاب"؟ يعني في قوله: "وَقَالُوا" فإنه كان الأصل: "وقلتم"، فعدل عن هذا الخطاب إلى الغيبة في "وَقَالُوا".
وقوله: "وعن الضمير" يعني أن الأصل كان "ظَنَنْتُمْ" فعدل عن ضمير الخطاب إلى لفظ المؤمنين.
فصل
المعنى: هلاَّ { إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ } بإخوانهم "خَيْراً".
وقال الحسن: بأهل دينهم، لأن المؤمنين كنفس واحدة، كقوله:
{ { وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَنْفُسَكُمْ } [النساء: 29] { { فَسَلِّمُواْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ } [النور: 61] المعنى: بأمثالكم المؤمنين.
وقيل: جعل المؤمنين كالنفس الواحدة فيما يجري عليها من الأمور، فإذا جرى على أحدهم مكروه فكأنه جرى على جميعهم، كما قال عليه السلام
"مَثَلُ المُسْلِمينَ في تَوَاصُلِهِمْ وتراحُمِهِمْ كمثل الجَسَد إذا وجع بعضه وجع كله بالسَّهر والحُمَّى" وقال عليه السلام: "المؤمنُون كالبُنْيَانِ يشدُّ بَعْضُهُ بَعْضاً" .
وقوله: { هَـٰذَآ إِفْكٌ مُّبِينٌ } أي: كذب بين.