التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَـٰكِنْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ
١٣
فَذُوقُواْ بِمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَآ إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُـواْ عَذَابَ ٱلْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
١٤
إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِهَا خَرُّواْ سُجَّداً وَسَبَّحُواْ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ
١٥
تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ
١٦
فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
١٧
أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لاَّ يَسْتَوُونَ
١٨
أَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ ٱلْمَأْوَىٰ نُزُلاً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
١٩
وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فَسَقُواْ فَمَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ كُلَّمَآ أَرَادُوۤاْ أَن يَخْرُجُواُ مِنْهَآ أُعِيدُواْ فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ
٢٠
وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَدْنَىٰ دُونَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
٢١
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَآ إِنَّا مِنَ ٱلْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ
٢٢
-السجدة

اللباب في علوم الكتاب

قوله: { وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا } رشدها وتوفيقها للإيمان، وهذا جواب عن قولهم: ربنا أبَصْرنَا وَسَمِعْنَا وذلك أن الله تعالى قال: إني لو رجعتكم إلى الإيمان لهديتكم في الدنيا، ولما لم أهدكم في الدنيا تبين أني ما أردتُ وما شئت إيمانكم فلا أردكم، وهذا صريح في الدلالة على صحة مذهب أهل السنة حيث قالوا إن الله تعالى ما أراد الإيمان من الكافر، وما شاء منه إلا الكُفْرَ.
قوله: { وَلَـٰكِنْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ مِنِّي } وجب القول (مني) وهو قوله تعالى: { لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ }. { فَذُوقُواْ بِمَا نَسِيتُمْ } قال مقاتل: إذا دخلوا النار قال لهم الخزنة: { فَذُوقُواْ بِمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَآ } أي تركتم الإيمان به في الدنيا. "لِقَاءَ يَوْمِكُمْ" (يجوز فيه أوجه:
أحدها: أنها من التنازع لأن "ذُوقُوا" يطلب "لِقَاء يَوْمِكُمْ" و "نَسِيتُمْ" يطلبه أيضاً أي ذُوقُوا عَذَابَ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ) هذا بما نَسِيتُمْ عذاب لقاء يومكم هذا ويكون من إعمال الثاني عند البصريين ومن إعمال الأول عند الكوفيين، والأول أصح لللحذف من الأول؛ إذ لو عمل الأول لأضمر في (الثاني).
الثاني: أن مفعول "ذُوقُوا" محذوف أي ذُوقُوا العذاب بسبب نِسْيَانِكم لقاءَ يومكم، (و "هذا" على هذين الإعرابين صفة "ليَوْمِكُمْ".
الثالث: أن يكون مفعول "ذُوقُوا"هَذَا" والإشارة به إلى العذاب، والباء سببية أيضاً أي فذوقها هذا العذاب بسبب نِسْيَانكم لقاء يومكم)، وهذا ينبو عنه الظاهر، قال ابن الخطيب "هذا" يحتمل ثلاثة أوجه: أن يكون إشارة إلى اللقاء (وأن يكون إشارة إلى اليوم)، وأن يكون إشارة إلى العذاب، ثم قال: "إنَّا نَسِينَاكُمْ" تركناكم غيرَ ملتفت إليكم { وَذُوقُـواْ عَذَابَ ٱلْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } من الكفر والتكذيب.
قوله: { إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِهَا خَرُّواْ سُجَّداً } سقطوا على وجوههم ساجدين { وَسَبَّحُواْ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ }، قيل: سلموا بأمر ربهم. وقيل: قالوا سُبْحَانَ الله وبحمده { وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } عن الإيمان به والسجود له.
قوله: { تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ } يجوز في "تَتَجَافَى" أنْ يكون مستأنفاً، وأن يكون حالاً وكذلك "يَدْعُونَ" إذا جعل "يَدْعُون" حالاً احتمل أن يكون حالاً ثانية، وأن يكون حالاً من الضمير في "جنوبهم"؛ لأن المضارع خبرٌ، والتجافي الارتفاع، وعبر به عن ترك النوم، قال ابن رواحة:

4066 - نَبِيٌّ تَجَافَى جَنْبُهُ عَنْ فِرَاشِهِ إذَا اسْتَثْقَلَتْ بِالْمُشْرِكِينَ المَضَاجِعُ

والمعنى يرتفع (وينبو) جنوبهم عن المضاجع جمع المضْجَع وهو المَوْضِع الذي يَضْطَجِعُ عليه يعني الفراش وهم المتهجدون بالليل الذين يقيمون الصلاة، قال أنس: نزلت فينا مَعْشَرَ الأنصار، كنا نصلي المغرب الصلاة فلا نرجع إلى رحالنا حتى نُصَلِّيَ العشاءَ مع - النبي صلى الله عليه وسلم -. (وعن أنس: أيضاً قال: نَزَلَتْ في أناسٍ من أصحابِ النّبي صلى الله عليه وسلم) كانوا يُصَلُّونَ من صلاة المغرب إلى صلاة العشاء وهو قول أبي حَازِمٍ، ومُحَمَّد بْنِ المُنْكَدِر، وقال في صلاة الأوابين وهو مروي عن ابن عباس. وقال عطاء: هم الذين لا ينامون حتى يصلوا العشاء الآخرة والفجر في جماعة، (وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى العِشَاء في جماعة) (كَانَ كَقِيَام نِصْفِ لَيْلَةٍ ومن صلى الفجر في جماعة) كان كقيام ليلة" والمشهور أن المراد منه صلاة الليل، وهو قول الحَسَنِ وجماعة ومجاهد، ومَالِك والأوْزَاعِي وجماعة لقوله عليه (الصلاة و) السلام: "أفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمضَانَ شِهْرُ اللَّهِ المُحَرَّمُ، وأفْضَلُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الفَرِيضَةٍ صَلاَةُ اللَّيْلِ" وقال عليه (الصلاة و) السلام -: "إن فِي الجَنَّةِ غُرَفاً يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنها وباطنُها من ظاهِرها أَعَدَّهَا اللَّهُ لِمَنْ أَلاَنَ الكَلاَمَ، وأَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَتَابَعَ الصِّيَامَ، وَصَلَّى باللَّيْلِ والنَّاسُ نِيَامٌ" .
(قوله): "خَوْفاً وَطَمعاً" إما مفعول من أجله وإمّا حالان، (وإما) مصدران لعامل مقدر.
قال ابن عباس: خَوْفاً من النار وطمعاً في الجنة، { وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ }. قيل: أراد به الصدقة المفروضة وقيل: عام في الواجب والتطوع.
قوله: { فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ } قرأ حمزة "أُخْفِي" فعلاً مضارعاً مسنداً لضمير المتكلم فلذلك سكنت ياؤه (لأنه) مرفوع، ويؤيده قراءة ابن مسعود: "مَا نُخْفِي" بنون العظمة، والباقون "أُخِفِيَ" ماضياً مبنياً للمفعول، (فَمِن) ثمَّ فُتِحَتْ ياؤه، وقرأ محمد بن كعب "أَخْفَى" ماضياً مبنياً للفاعل، وهو اللَّهُ تعالى، يؤيدها قراءة الأعمش و ["مَا] أَخْفَيْتُ" مسنداً للمتكلم. و "ما" يجوز أن تكون موصولة أي لا يعلم الذي أخفاه الله، وفي الحديث:
"مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ" وأن تكون استفهامية معلقة "لتَعْلَمَ" فإن كانت متعدية لاثنين سدت مسدهما أو لواحد سدت مسده.
قوله: { مِّنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ } قرأ عبد الله، وأبو الدرداء وأبو هريرةَ "من قُراتِ أَعْيُنٍ" جمعاً بالألف والتاء، و "جزاءً" مفعولٌ له، أو مصدر مؤكد لمعنى الجملة قبله، إذا كانت "ما" استفهامية فعلى قراءة (مَنْ قرأ ما) بعدها فعلاً ماضياً يكون في محل رفع بالابتداء، والفعل بعدها الخبر، وعلى قراءة من قرأ مضارعاً يكون مفعولاً مقدماً و "مِنْ قُرَّةِ" حال من "ما" والمعنى مَا يُقِرُّ الله به أعينهم { جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } قال ابن عباس: هذا مما لا تفسير له. قال بعضهم: أخفوا أعمالهم فأخفى الله ثوابهم.
قوله: { أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً } نزلت في عليِّ بْن أبي طالب، والوليدِ بن عقبة بن أبي معيط أخِي عثمان لأمه وذلك أنه كان بينهما تنازع فقال الوليد بن عقبة لِعَلِيٍّ: اسْكُتْ فإنك فاسق فأنزل الله عزّ وجلّ: { أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لاَ يَسْتَوونَ } ولم يقل لا يستويان لأنه لم يرد مؤمناً واحداً ولا فاسقاً واحداً بل أراد جميع المؤمنين وجميع الفاسقين. قوله: "لا يستوون" مستأنف؛ روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعتمد الوقف على قوله "فاسقاً" ثم يبتدىء: "لا يَسْتَوونَ".
قوله: { أَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } لما ذكر أن المؤمن والفاسق لا يستويان بطريق الإجمال بين عدم استوائهما على سبيل التفصيل فقال: { أَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ ٱلْمَأْوَىٰ } قرأ طلحةُ "جنة المأوى" بالإفراد، والعامة بالجمع، أي التي يأوي إليها المؤمنون. وقرأ أبو حيوة نُزْلاً - بضم وسكون - وتقدم تحقيقه آخر آل عمران، { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فَسَقُواْ فَمَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ كُلَّمَآ أَرَادُوۤاْ أَن يَخْرُجُواُ مِنْهَآ أُعِيدُواْ فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ } وهذا إشارة إلى حال الكافر، واعلم أن العمل الصالح له مع الإيمان تأثير فلذلك قال: { آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ }، وأما الكافر فلا التفات إلى الأعمال معه فلهذا لم يقل: "وأما الذين فسقوا وعملوا السيئات"؛ لأن المراد من "فَسَقُوا" كفروا، ولو جعل العقاب في مقابلة الكفر والعمل لظن (أن) مجرد الكفر (لا) عقاب عليه.
قوله: { الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ } صفة لعذاب، وجوز أبو البقاء أن يكون صفة للنار قال: وذكر على معنى الجَحِيم والحَريق.
قوله: { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَدْنَىٰ دُونَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَكْبَرِ } قال أبيُّ بنُ كَعْبٍ والضَّحَّاكُ والحَسَنُ وإبْرَاهيمُ: العذاب الأدنى مصائب الدنيا وأسقامها وهو رواية الوَالبِيِّ عن ابن عباسٍ، وقال عكرمة عنه: الحدود، وقال مقاتل: الجوع سبع سنين بمكة حتى أكلوا الجيف والعظام والكلاب. وقال ابن مسعود: هو القتل بالسيف يوم بدر وهو قول قتادة والسدي. وأما العذاب الأكبر وهو عذاب الآخرة فإن عذاب الدنيا لا نسبة له إلى عذاب الآخرة.
فإن قيل: ما الحكمة في مقابلته "الأدنى"بالأكبر"، "والأدنى" إنما هو في مقابلة "الأقصى"والأكبر" إنما هو مقابله "الأصغر"؟
فالجواب: أنه حصل في عذاب الدنيا أمران: أحدهما: أنه قريب والآخر: أنه قليل صغير، وحصل في عذاب الآخرة أيضاً أمران، أحدهما: انه بعيد والآخر أنه عظيم كبيرٌ لكن العرف في عذاب الدنيا هو أنه الذي يصلح التخويف به فإن العذاب العاجل وإن كان قليلاً فلا يَحْتَرِزُ عنه بعض الناس أكثر مما يَحْتَرِزُ من العذاب الشديد إذا كان آجلاً، وكذا الثواب العاجل قد يَرْعَبُ فيه بعض الناس ويستبعد الثوابَ العظيم الآجل. وأما في عذاب الآخرة فالذي يصلح للتخويف هو العظيم والكبير (لا) البعيد لِمَا بينا فقال في عذاب الدنيا الأدنى ليحترز العاقل عنه ولو قال: "وَلَنُذِيقَنَّهُمْ من العذاب الأصغر" ما كان يحترز عنه لصغره وعدم فَهْم كونه عاجلاً، وقال في عذاب الآخرة الأكبر لذلك المعنى ولو قال: مِنَ العَذَابِ الأبعد الأقْصَى (لما حصل) التخويف به مثل ما يحصل بوصفه بالكِبَر.
قوله: "لعلهم يرجعون" إلى الإيمان يعني مَنْ بَقِي منهم بعد "بدر".
فإن قيل: ما الحكمة في هذا الترجي وهو على الله تعالى محال؟
فالجواب: فيه وجهان:
أحدهما: معناه لنذيقنهم إذاقة الراجين كقوله: "إنَّا نَسِينَاكُمْ" يعني تركناكم كما يترك الناسي (حيث لا يلتفت إليه) أَصْلاً كَذلِكَ ههنا.
والثاني: نذيقهم العذاب إذاقة يقول القائل: لعلهم يرجعون بسببه.
قوله: { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ } (أي من ذكر بآيات الله) من النعم أولاً، والنِّقَم ثانياً ولم يؤمنوا، فلا أظلَمُ منهم أَحدٌ.
قوله: { ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَآ } هذه أبعد ما بين الرُّتْبَتَيْنِ معنىً، وشبهها الزمخشري بقوله:

4067 - وَمَا يَكْشِفُ الغَمَّاء إلاَّ ابْنُ حُرَّةٍ يَرَى غَمَرَاتِ المَوْتِ ثُمَّ يَزُورُهَا

قال: استبعد (أن يزور) غمرات الموت بعد أن رآها وعرفها، واطلع على شدتها.
قوله: { إِنَّا مِنَ ٱلْمُجْرِمِينَ } (يعني المشركين) "مُنْتَقِمُونَ".