التفاسير

< >
عرض

وَمَن يَتَوَلَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْغَالِبُونَ
٥٦
-المائدة

اللباب في علوم الكتاب

"ومن يَتَولَّ"مَن" شَرْط في محلِّ رفع بالابْتداء.
وقوله تعالى: { فَإِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ } جُمْلَة واقعة خبر المُبْتَدأ، والعائد غير مَذْكُور لكوْنِهِ مَعْلُوماً، والتَّقْدِير: فهو غَالِبٌ لكونه من جُنْدِ الله، فيحتملُ أن يكُون جواباً للشَّرْط، وبه يحتجُّ من لا يَشْتَرِط عَوْد ضَمِير على اسْمِ الشَّرْط إذا كان مُبْتَدأ.
ولقائل أن يقول: إنَّما جاز ذَلِك؛ لأنَّ المُرَاد بحزب الله هو نَفْسُ المُبْتَدأ، فيكون من بَابِ تكْرَار المُبْتَدأ بمعناه، وفيه خِلاف، فالأخْفَش يُجِيزُهُ، فإن التقدير: ومن يَتَولَّ اللَّه ورسُولَهُ والذين آمنوا فإنه غالب، فوضع الظَّاهر موضع المُضْمَر لفائدة، وهي التَّشْرِيف بإضافة الحِزْب إلى اللَّه - تعالى -، ويحتملُ أن يكُون الجوابُ مَحْذُوفاً، لدلالة الكلام عَلَيْه، أي: ومن يتولَّ اللَّه ورسوله والَّذِين آمنُوا يَكُنْ من حِزْب الله الغَالِب، أو يُنْصَر ونحوه ويكون قوله: { فَإِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ } دالاًّ عليه، وعلى هَذَيْن الاحتمَالَيْن، فلا دِلَة في الآية على عدم اشْتِرَاط عَوْدِ ضمير على اسْم الشرط.
وقوله: { فَإِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْغَالِبُونَ } في محلِّ جَزْم إنْ جَعَلْناه جواباً للشَّرْط، ولا محلَّ له إن جعلْنَاهُ دالاًّ على الجواب.
وقوله "هُمْ" يحتمل أنْ يكُون فَصلاً، وأن يكُون مُبْتَدأ.
و"الغَالِبُون" خبره والجُمْلَةُ خبر "إن"، وقد تقدَّم الكلام على ضَمِير الفَصْل.
و"الحِزْب": الجماعة فيها غِلْظَةٌ وشدَّة، فهو جماعة خَاصَّة، وهو في اللّغَة: أصْحَاب الرَّجُل الَّذين يكُونُون معه على رَأيه، وهم القَوْم الَّذِين يَجْتَمِعُون لأمر حَزَبَهُمْ، وللمُفسرين فيه عِبَارات، فقال الحَسَن: جُنْدُ الله وقال أبو رَوْق: أوْلِيَاء الله، وقال أبو العَالِية: شِيعَتُه، وقال بعضهم: أنْصَار الله، وقال الأخْفَش: حِزْب الله الذين يَدِينُون بدينِهِ ويُطيعُونَه ويَنْصُرُونه.