التفاسير

< >
عرض

قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يٰشُعَيْبُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ
٨٨
قَدِ ٱفْتَرَيْنَا عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا ٱللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّعُودَ فِيهَآ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً عَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا ٱفْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِٱلْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْفَاتِحِينَ
٨٩
-الأعراف

اللباب في علوم الكتاب

قوله تعالى: { قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ } هم الرؤساء { لَنُخْرِجَنَّكَ يَٰشُعَيْبُ } ونخرج أتباعك من قريتنا.
وقوله: { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ } عطف على الكاف، و "يا شعيبُ" اعتراض بين المتعاطفين.
قوله: { أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا } عطف على جواب القسم، إذ التقدير: والله لنخرجنَّكَ والمؤمنين أو لتعودُنَّ، فالعَوْدُ مُسند إلى ضمير النبي ومَنْ آمن معه.
فإن قيل: إن شعيباً لم يكن قطّ على دينهم ولا ملتهم، فكيف يحسن أن يقال: "أو لتعودن في ملتنا"، وقوله: { قَدِ ٱفْتَرَيْنَا عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُم } يدل أيضاً على ذلك؟.
فالجواب: أن "عاد" في لسان العرب لها استعمالان.
أحدهما - وهو الأصل - أنه الرجوع إلى ما كان عليه من الحال الأول.
والثاني: استعمالُها بمعنى "صار"، وحينئذ ترفعُ الاسم وتنصبُ الخبرَ، فلا تكتفي بمرفوع وتفتقر إلى منصوب، [وهذا عند بعضهم] ومنهم من منع أن تكون بمعنى "صار" فمن مجيئها بمعنى "صار" قوله: [الطويل]

2520 - وَرَبَّيْتُهُ حَتَّى إذَا مَا تَرَكْتُهُ أخَا القَومِ واسْتَغْنَى عَنِ المَسْحِ شَارِبُهَ
وَبِالْمَحْضِ حَتَّى عَادَ جَعْداً عَنَطْنَطاً إذَا قَامَ سَاوَى غَارِبَ الفَحْلِ غَارِبُهْ

فرفع بـ "عاد" ضمير الأول ونصب بها "جَعْداً"، ومَنْ مَنَع ذلك يَجْعل المنصوب حالاً قال: [الطويل]

2521 - فَإنْ تَكُنِ الأيَّامُ أحْسَنَ مُدَّةً إليَّ فَقَدْ عَادَتْ لَهُنَّ ذُنُوبُ

أي: صار لهن ذنوب، ولم يرد أن ذنوباً كانت لهن قبل الإحسان، وعلى هذا فزال الإشكال، والمعنى: لتصيرنّ في ملتنا بعد أن لم تكونوا، فـ "في ملتنا" خبر على هذا وأمّا على الأول فالجواب من وجوه:
أحدها: أن هذا القول من رؤسائهم، قصدوا به التلبيس على العوام، والإيهام لهم أنه كان على دينهم وفي مِلَّتِهِمْ.
الثاني: أنهم خاطبوا شعيباً بخطاب أتباعه، وأجروا عليه أحكامهم.
الثالث: أن يُراد بعَوْده رجوعُه إلى حالة سكوته قبل بعثته؛ لأنه قبل أن يبعث إليهم كان يُخْفي إيمانه، وهو ساكت عنهم بريء مِنْ معبودهم غير الله.
وعدَّى "عاد" بـ "في" الظرفية، كأن المِلَّة لهم بمنزلةِ الوعاءِ المحيط بهم.
قوله: { أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ } الاستفهامُ للإنكار تقديره: أيوجدُ منكم أحد هذين الشيئين: أعني الإخراج من القرية، والعَوْد في الملة على كل حال حتى في حال كراهتنا لذلك؟.
وقال الزمخشري: "الهمزةُ للاستفهام، والواوُ واو الحال تقديره: أتعيدوننا في ملَّتكم في حال كراهتنا".
قال أبو حيان: وليست هذه واو الحال، بل واو العطف، عطفت هذه الحال على حال محذوفة، كقوله - عليه الصلاة والسلام -:
"رُدُّوا السَّائِلَ ولَوْ بِظِلْفٍ مُحرقٍ" ليس المعنى: رُدُّوه حال الصدقة عليه بظلف مُحرق، بل معناه: رُدُّوه مصحوباً بالصدقة ولو مصحوباً بظلفٍ محرق، وقد تقدّمت هذه المسألة، وأنه يصح أن تُسمَّى واو الحال وواو العطف [وتحرير ذلك، ولولا تكريره لما كرَّرْته].
وقال أبو البقاء: و "لو" هنا بمعنى "إنْ" لأنها للمستقبل، ويجوز أن تكون على أصلها، ويكون المعنى: لو كنا كارهين في هذا الحال أي إن كنا كارهين لذلك فتجبروننا عليه.
وقوله: "لأنها للمستقبل" ممنوع.
قوله: "إنْ عُدْنَا" شرط جوابه محذوف عند الجمهور أي: فقد افترينا، حذف لدلالة ما تقدم عليه، وعند أبي زيد والمبرد والكوفيين هو قوله: "فقد افتَرْينا" وهو مردود بأنه لو كان جواباً بنفسه لوَجَبَتْ فيه الفاء.
وقال أبو البقاء: "قد افترينا بمعنى المستقبل؛ لأنه لم يقع، وإنما سَدَّ مَسَدَّ جواب "إنْ عُدْنا" وساغ دخولُ "قد" هنا لأنهم نَزَّلوا الافتراء عند العود منزلة الواقع فقرنوه بـ "قد"، وكأنَّ المعنى: قد افترَيْنا الآن إن هَمَمْنا بالعود".
وفي هذه الجملة وجهان:
أحدهما: أنها استئناف إخبار فيه معنى التعجب، قاله الزمخشري، كأنه قيل: ما أكذبنا على الله إن عُدْنا في الكفر.
والثاني: أنها جواب قسم محذوف حذفت اللام منه، والتقدير: والله لقد افترينا، ذكره الزمخشري أيضاً، وجعله ابن عطية احتمالاً وأنشد: [الكامل]

2522 - بَقَّيْتُ مَالِي وانْحَرَفْتُ عَنِ العُلَى وَلَقِيتُ أضْيَافِي بِوَجْهِ عَبُوسِ

قال: "كما تقول: افتريتُ على الله إن كلَّمت فلاناً" ولم يُنْشِدْ ابن عطية البيت الذي بعد هذا، وهو محلُّ الفائدة؛ لأنه مشتمل على الشرط وهو: [الكامل]

2523 - إنْ لَمْ أشُنَّ عَلَى ابْنِ هِنْدٍ غَارَةً لَمْ تَخْلُ يَوْماً مِنْ نهابِ نُفُوسِ

قوله: { بَعْدَ إذْ نَجَّانَا } منصوب بـ "نعود" أي: ما يكون ولا يستقيم لنا عود بعد أن حصل لنا التنجيةُ منها.
فصل في معنى التنجية
وفي معنى { نَجَّانَا ٱللَّهُ مِنْهَا } وجوه:
الأول: علمنا قبحه وفساده وبطلانه.
الثاني: أن الله نجّى قومه من تلك الملة، وإنما نظم نفسه في جملتهم وإن كان بريئاً منهم تغليباً للأكثر.
الثالث: أن القوم أوهموا المستضعفين أنه كان على ملتهم، فقوله: { بعد إذ نجّانا الله منها } أي على حسب معتقدكم.
قوله: { إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ } في هذا الاستثناء وجهان:
أحدهما: أنه متصل.
والثاني: أنه منقطع. ثم القائلون بالاتصال مختلفون: فمنهم من قال: هو مستنثى من الأوقات [العامة] والتقدير: وما يكونُ لنا أن نعود فيها في وقت من الأوقات إلا في وقت مشيئة الله ذلك، وهذا متصور في حقِّ مَنْ عدا شعيباً، فإن الأنبياء لا يشاء الله ذلك لهم؛ لأنه عَصَمهم.
ومنهم من قال: "هو مستثنى من الأحوال العامة والتقدير: ما يكون لنا أن نعود فيها في كل حال إلا في حال مشيئة الله تعالى".
وقال ابن عطية: "ويُحتمل أن يريد استثناء ما يمكن أن يتعَبَّد الله [به] المؤمنين ممَّا تفعلهُ الكفرةُ من القُرُبات فلمَّا قال لهم: إنا لا نعودُ في مِلَّتكم، ثم خشي أن يتعَبَّد الله بشيء من أفعال الكفرة فيعارض ملحدٌ بذلك ويقول: هذه عودة إلى ملَّتنا استثنى مشيئة الله فيما يمكن أن يتعبَّدَ به".
قال أبو حيان: "وهذا الاحتمال لا يَصِحُّ لأن قوله: { بعد إذ نجَّانا الله منها } إنما يعني النجاة من الكفر والمعاصي لا من أعمال البر".
قال شهاب الدين: "قد حكى ابن الأنباري هذا القول عن المعتزلة الذين لا يؤمنون بالإرادة ثم قال: وهذا القول مُتَنَاولهُ بعيد، لأن فيه تبعيض الملّة".
وقيل: هذا استثناء على سبيل التسليم والتأدُّب.
قال ابن عطية: "ويقلق هذا التأويلُ من جهةِ استقبال الاستثناء، ولو كان الكلام: "إلا إنْ شاء" قوي هذا التأويل".
وهذا الذي قاله سهوٌ؛ لأنَّ الماضيَ يتخلَّص للاستقبال بعد "إنْ" الشرطية، كما يتخلَّص المضارع له بـ "أنْ" المصدرية.
وقيل: إن الضمير في قوله: "فيها" ليس عائداً على المِلَّة، بل عائد على الفِرْية، والتقدير: وما يكون لنا أن نعود في الفِرْية إلا أن يشاء ربنا، وهو حَسَنٌ لولا بُعْدُه.
فصل في بين المشيئة
استدل أهل السنة بهذه الآية على أنه تعالى قد يشاء الكفر، واستدل المعتزلة بها على أنه لا يشاء إلا الخير.
فأمّا وجه استدلال أهل السنة فمن وجهين:
الأول: قوله: { إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجَّانا الله منها } [يدل على أن المنجي من الكفر هو الله - تعالى -، ولو كان الإيمان يحصل بخلق العبد، لكانت النجاة من الكفر تحصل للإنسان من نفسه لا من الله تعالى وذلك على نقيض قوله { بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا ٱللَّهُ مِنْهَا }].
الثاني: أن معنى الآية أنه ليس لنا أن نعود إلى ملتكم إلا أن يشاء الله أن يعيدنا إلى تلك الملة، وتلك الملة كفر، فكان هذا تجويزاً من شعيب - عليه السلام - أن يعيدهم إلى الكفر.
قال الواحدي: ولم تزل الأنبياء والأكابر يخافون العاقبة وانقلاب الأمر؛ ألا ترى إلى قوله الخليل - عليه الصلاة والسلام -:
{ رَبِّ ٱجْعَلْ هَـٰذَا ٱلْبَلَدَ آمِناً وَٱجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ ٱلأَصْنَامَ } [إبراهيم: 35] وكان محمد صلى الله عليه وسلم يقول: "يا مُقَلِّبَ القُلُوبِ والأبْصَارِ ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلى دِيْنِكَ وطاعَتِكَ" . وقال يوسف - عليه السلام -: { تَوَفَّنِي مُسْلِماً } [يوسف: 101].
وأجاب المعتزلة بوجوه:
أحدها: أن قوله: ما لنا أن نعود إلى تلك الملة إلا أن يشاء [الله] أن يعيدنا إليها قضية [شرطية، وليس فيها بيان أنه تعالى شاء ذلك أو ما شاء.
وثانيها: أن هذا مذكور على طريق التبعيد] كما يقال: لا أفعل ذلك إلاَّ إذا ابيضّ القَارُ وشاب الغراب، فعلّق شعيب - عليه السلام - عوده إلى ملتهم على مشيئته بما علم أنه لا يكون منه ذلك أصلاً على طريق التبعيد لا على وجه الشرط.
وثالثها: قوله: { إلا أن يشاء الله } ليس فيه بيان أن الذي يشاء الله ما هو؟ فنحمله على أن المراد إلا أن يشاء الله بأن يظهر الكفر من أنفسنا إذ أكرهتمونا عليه بالقتل، وذلك لأن عند الإكراه على إظهار الكفر بالقتل يجوز إظهاره، وما كان جائزاً كان مراداً لله - تعالى -، وكون الصبر أفضل من الإظهار لا يخرج الإظهار من أن يكون مراداً لله - تعالى - كما أن المسح على الخفين مرادٌ لله تعالى، وإن كان غسل الرجلين أفضل.
ورابعها: أن المراد بقوله: { لنخرجنك يا شعيب } أي من القرية، فيكون المراد بقوله: { أن نعود فيها } أي القرية.
وخامسها: أن نقول: يجب حمل المشيئة هاهنا على الأمر؛ لأن { وما كان لنا أن نعود فيها إلاَّ أن يشاء الله } معناه: فإنه إذا شاء كان لنا أن نعود فيها، فقوله: { لنا أن نعود فيها } أي يكون ذلك العود جائزاً، والمشيئة عند أهل السنة لا توجب جواز الفعل، فإنه تعالى يشاء الكفر من الكافر عنده ولا يجوز له فعله، إنما الذي يوجب الجواز هو الأمر، فثبت أن المراد من المشيئة هاهنا الأمر، فكان التقدير إلاَّ أن يأمر الله [بعودنا في ملتكم فإنا نعود إليها، والشريعة المنسوخة لا يبعد أن يأمر الله] بالعمل بها مرة أخرى، وعلى هذا التقدير يسقط استدلالكم.
وسادسها: قال الجبائي: المراد من الملّة الشريعة التي يجوز اختلاف التعبد فيها بالأوقات كالصلاة والصيام وغيرهما، فقال شعيب: { وما كان لنا أن نعود في ملتكم } فلما دخل في ذلك كل ما هم عليه، وكان من الجائز أن يكون بعض تلك الأحكام والشرائع باقياً غير مسنوخ، لا جرم قال: { إلا أن يشاء الله } والمعنى: إلا أن يشاء الله بقاء بعضها، فيدلّنا عليه، فحينئذ نعود إليها، فهذا الاستثناء يعود إلى الأحكام التي يجوز النسخ والتغيير فيها، ولا يعود إلى ما لا يقبل التغيير ألبتة، فهذه أسئلة القوم.
وتمسك المعتزلة بهذه الآية على صحة قولهم من وجهين:
الأول: أن ظاهر قوله { وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله } يقتضي أنه لو شاء الله عودنا إليها لكان لنا أن نعود إليها، وذلك يقتضي أن كلَّ ما شاء الله وجوده كان فعله جائزاً مأذوناً فيه، ولم يكن حراماً، قالوا: وهذا عين مذهبنا أن كل ما أراد حصوله كان حسناً مأذوناً فيه، وما كان حراماً ممنوعاً منه لم يكن مراداً لله تعالى.
الثاني: أن قولهم: "لنخرجنّك أو لتعودُنَّ" لا وجه للفصل بين هذين القسمين على قول الخصم، لأن على قولهم خروجهم من القرية بخلق الله وعودهم إلى تلك القرية أيضاً بخلقه، وإذا كان حصول القسمين بخلق الله، لم يبق للفرق بين القسمين فائدة.
واعلم أنه لمّا تعارض استدلال الفريقين بهذه الآية وجب الرجوع إلى بقية الآيات في هذا الباب.
قوله: { وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً } نصب "عِلْماً" على التمييز وهو منقول من الفاعلية، تقديره: وَسِعَ علمُ ربِّنا كلَّ شيء كقوله تعالى:
{ وَٱشْتَعَلَ ٱلرَّأْسُ شَيْباً } [مريم: 24] والمعنى: أحاط علمه بكل شيء.
ثم قال: { عَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلْنَا } فيما توعدوننا به، ثم دعا شعيب بعدما أيس من فلاحهم فقال: { رَبَّنَا ٱفْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِٱلْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْفَاتِحِينَ }.
قال ابن عباس والحسن وقتادة والسدي: "احكم واقض".
وقال الفراء: "وأهل عمان يسمون القاضي الفاتح والفتاح؛ لأنه يفتح مواضع الحقِّ".
وعن ابن عباس قال: "ما كنت أدري قوله { ربنا افتح بيننا وبين قومنا } حتَّى سمعت ابنة ذي يزن تقول لزوجها: أفاتحك أي: أحاكمك"، وقد تقدَّم أن الفتح الحُكْم بلغة حمير.
وقيل: بلغة مُرَاد وأنشد: [الوافر]

2524 - ألاَ أبْلِغْ بَنِي عُصْمٍ رَسُولاً بِأنِّي عَنْ فَتَاحَتِكُمْ غَنِيُّ

قال الزجاج: وجائز أن يكون قوله: { افتح بيننا وبين قومنا بالحق } أي أظهر أمرنا حتى ينفتح بيننا وبين قومنا وينكشف والمراد منه أن ينزل عليهم عذاباً يدلُّ على كونهم مبطلين، وعلى كون شعيب وقومه محقين، وعلى هذا المراد بالفتح الكشف والتبيين، وكرر { بيننا وبين قومنا } بخلاف قوله: { حَتَّىٰ يَحْكُمَ ٱللَّهُ بَيْنَنَا } [الأعراف: 87] زيادة في تأكيد تمييزه، ومَنْ تبعه من قومه ثم قال: { وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْفَاتِحِينَ } [أي: خير الحاكمين أو خير المظهرين، وذا معنى قول من على المعنيين]، والمراد به الثناء على الله تعالى.