مكتبة التفاسير
فهرس القرآن
التفاسير الأكثر قراءة
كتب أخرىٰ
التفاسير العظيمة
التفاسير العظيمة
يحتوي الموقع على 91 تفسير للقرآن الكريم و 25 كتاب في علوم القرآن
English
القائمة
الرئيسية
القرآن والتجويد
التفاسير
علم القراءات
علوم القرآن
بحث وفهارس
كتب متفرقة
تراجم
دراسات قرانية
الإعجاز العلمي
خريطة الموقع
نبذة عنا
الصفحة الرئيسية
>
مكتبة التفاسير
>
كتب التفاسير
التفاسير
١ الفاتحة
٢ البقرة
٣ آل عمران
٤ النساء
٥ المائدة
٦ الأنعام
٧ الأعراف
٨ الأنفال
٩ التوبة
١٠ يونس
١١ هود
١٢ يوسف
١٣ الرعد
١٤ إبراهيم
١٥ الحجر
١٦ النحل
١٧ الإسراء
١٨ الكهف
١٩ مريم
٢٠ طه
٢١ الأنبياء
٢٢ الحج
٢٣ المؤمنون
٢٤ النور
٢٥ الفرقان
٢٦ الشعراء
٢٧ النمل
٢٨ القصص
٢٩ العنكبوت
٣٠ الروم
٣١ لقمان
٣٢ السجدة
٣٣ الأحزاب
٣٤ سبأ
٣٥ فاطر
٣٦ يس
٣٧ الصافات
٣٨ ص
٣٩ الزمر
٤٠ غافر
٤١ فصلت
٤٢ الشورى
٤٣ الزخرف
٤٤ الدخان
٤٥ الجاثية
٤٦ الأحقاف
٤٧ محمد
٤٨ الفتح
٤٩ الحجرات
٥٠ ق
٥١ الذاريات
٥٢ الطور
٥٣ النجم
٥٤ القمر
٥٥ الرحمن
٥٦ الواقعة
٥٧ الحديد
٥٨ المجادلة
٥٩ الحشر
٦٠ الممتحنة
٦١ الصف
٦٢ الجمعة
٦٣ المنافقون
٦٤ التغابن
٦٥ الطلاق
٦٦ التحريم
٦٧ الملك
٦٨ القلم
٦٩ الحاقة
٧٠ المعارج
٧١ نوح
٧٢ الجن
٧٣ المزمل
٧٤ المدثر
٧٥ القيامة
٧٦ الإنسان
٧٧ المرسلات
٧٨ النبأ
٧٩ النازعات
٨٠ عبس
٨١ التكوير
٨٢ الانفطار
٨٣ المطففين
٨٤ الانشقاق
٨٥ البروج
٨٦ الطارق
٨٧ الأعلى
٨٨ الغاشية
٨٩ الفجر
٩٠ البلد
٩١ الشمس
٩٢ الليل
٩٣ الضحى
٩٤ الشرح
٩٥ التين
٩٦ العلق
٩٧ القدر
٩٨ البينة
٩٩ الزلزلة
١٠٠ العاديات
١٠١ القارعة
١٠٢ التكاثر
١٠٣ العصر
١٠٤ الهمزة
١٠٥ الفيل
١٠٦ قريش
١٠٧ الماعون
١٠٨ الكوثر
١٠٩ الكافرون
١١٠ النصر
١١١ المسد
١١٢ الاخلاص
١١٣ الفلق
١١٤ الناس
<
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
>
--- كل المدارس ---
أمهات التفاسير
تفاسير أهل السنة
تفاسير أهل السنة الصوفية
تفاسير أهل السنة السلفية
تفاسير ميسرة
تفاسير الشيعة الإثنى عشرية
تفاسيرالزيدية
تفاسيرالاباضية
تفاسير حديثة
تفاسير مختصرة
--- اختر التفسير---
تفسير القرآن/ الفيروز آبادي (ت817 هـ)
بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ)
النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ)
معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ)
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ)
زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ)
تفسير القرآن/ ابن عبد السلام (ت 660 هـ)
مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ)
لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ)
البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ)
التفسير/ ابن عرفة (ت 803 هـ)
غرائب القرآن و رغائب الفرقان/القمي النيسابوري (ت 728 هـ)
الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ)
اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ)
نظم الدرر في تناسب الآيات والسور/ البقاعي (ت 885 هـ)
الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ)
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ)
مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ)
الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ)
تفسير مجاهد / مجاهد بن جبر المخزومي (ت 104 هـ)
الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ)
التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ)
التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ)
تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ)
حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ)
تفسير سفيان الثوري/ عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي (ت161هـ)
تفسير النسائي/ النسائي (ت 303 هـ)
تفسير عبد الرزاق الصنعاني مصور /همام الصنعاني (ت 211 هـ)
محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ)
تفسير المنار / محمد رشيد بن علي رضا (ت 1354هـ)
تفسير القرآن العزيز/ ابن أبي زمنين (ت 399هـ)
كتاب نزهة القلوب/ أبى بكر السجستاني (ت 330هـ)
عرض
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّمَا ٱلْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـٰذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَآءَ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
٢٨
قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلاَ بِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ ٱلْحَقِّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُواْ ٱلْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ
٢٩
-التوبة
أضف للمقارنة
اللباب في علوم الكتاب
قوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّمَا ٱلْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ } الآية.
اعلم أنه عليه الصَّلاة والسَّلام، لمَّا أمر عليّاً أن يقرأ على مشركي مكَّة أول سورة براءة، وينبذ إليهم عهدهم، وأنَّ الله بريء من المشركين ورسوله، قال أناس: يا أهل مكَّة ستعلمون ما تلقونه من الشِّدَّة لانقطاع السبل وفقد الحمولات؛ فنزلت هذه الآية، لرفع الشُّبهةِ، وأجاب الله تعالى عنها بقوله: { وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً } أي: فَقْراً وحاجةً، { فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ } قال الأكثرون: لفظ المشركين يتناولُ عبدة الأوثانِ، وقال قومٌ: يتناولُ جميع الكُفَّارِ، وقد تقدم ذلك.
قال الضحاكُ وأبو عبيدةَ: "نَجَسٌ" قذر.
وقيل: خَبِيثٌ، وهو مصدر يستوي فيه الذكر والأنثى، والتثنية والجمع. جعلوا نفس النَّجَس، على المبالغة، أو على حذفِ مضاف.
وقرأ أبو حيوة "نِجْسٌ" بكسر النُّون وسكون الجيم، وجهه أنَّه اسمُ فاعل في الأصلِ على "فَعِل" مثل: "كَتِف وكَبِد" ثم خُفِّف بسكون عَيْنه بعد إتباع فائه، ولا بُدَّ من حذف موصوف حينئذٍ قامَتْ هذه الصفةُ مقامه، أي: فريق نجس، أو جنس نجس، فإذا أفرد قيل "نَجس" بفتح النون.
قال البغوي "ولا يقال على الانفراد، بكسر النُّون وسكون الجيم، إنَّما يقال "رِجْسٌ نِجْسٌ"، فإذا أفرد قيل "نَجِسٌ" بفتح النون وكسر الجيم" وقرأ ابن السَّميفع "أنْجَاس" بالجمع، وهي تحتمل أن تكون جمع قراءةِ الجمهور، أو جمع قراءةِ أبي حيوة، وأراد به نجاسة الحكم، لا نجاسة العين، سُمُّوا نجساً على الذَّم.
وقال ابنُ عبَّاس وقتادةُ "سماهم نجساً؛ لأنَّهم يجنبون، فلا يغتسلون، ويحدثون فلا يتوضؤون" ونقل الزمخشري عن ابن عباسٍ" أنَّ أعيانهم نجسة كالكلاب والخنازير" وعن الحسنِ "مَنْ صَافحَ مشركاً توضَّأ" وهذا قول الهادي من أئمة الزَّيدية.
وأمَّا الفقهاءُ: فقد اتفقوا على طهارة أبدانهم، وهذا هلاف ظاهر القرآن، فلا يرجع عنه إلا بدليل منفصلٍ، ولا يمكن ادعاء الإجماع فيه لما بينا من الخلاف.
واحتج القاضي على طهارتهم بما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب من أوانيهم، وأيضاً لو كان نجساً، لما تبدل ذلك بالإسلام، وأجاب القائلون بالنجاسة: بأنَّ القرآن أقوى من خبر الواحد وبتقدير صحَّةِ الخبر؛ يجب أن يعتقد أن حل الشرب من إنائهم كان متقدماً على نزول هذه الآية من وجهين:
الأول: أنَّ هذه السُّورة من آخر ما نزل من القرآن، وأيضاً كانت المخالطة مع الكُفَّار جائزة فحرَّمها الله تعالى، وكانت المعاهدة حاصلة معهم، فأزالها الله؛ فلا يبعد أن يقال أيضاً: الشرب من أوانيهم، كان جائزاً فحرمه اللهُ.
الثاني: أنَّ الأصل حل الشرب من أي إناء كان، فلو قلنا إنه حرم بحكم الآية، ثم حل بحكم الخبرِ، فقد حصل نسخان، أما لو قلنا إنَّه كان حلالاً بحكم الأصل، والرسول شرب من آنيتهم بحكم الأصل، ثم جاء التَّحريمُ بهذه الآيةِ، لم يحصل النَّسخ إلاَّ مرة واحدة؛ فوجب أن يكون هذا أولى.
وأما قولهم: لو كان الكافرُ نجس العين، لما تبدَّلت النجاسةُ بالطَّهارة بسبب الإسلام. فهذا قياس في معارضة النَّص الصَّريح، وأيضاً فالخمرةُ نجسة العين، فإذا انقلبت بنفسها خلاًّ طهرت، وأيضاً إنَّ الكافر إذا أسلم؛ وجب عليه الاغتسالُ، إزالة للنجاسةِ الحاصلة بحكم الكفر، وهذا ضعيفٌ؛ فإنَّ الأعيانَ النجسة لا تقبل التَّطهير بالغسل، إنما يطهر بالغسل ما ينجس.
فصل
قالت الحنفيَّةُ: أعضاءُ المحدث نجسة نجاسة حكمية، وبنوا عليه أنَّ الماء المستعمل في رفع الحدث نجس، ثم روى أبو يوسف عن أبي حنيفة: أنَّهُ نجس نجاسة خفيفة، وروى الحسنُ بن زيادٍ: أنَّه نجس نجاسة غليظة، وهذه الآية تدلُّ على فساد هذا القول؛ لأن كلمة "إِنَّمَا" للحصر، فاقتضى أن لا نجس إلاَّ المشرك، فالقولُ بأنَّ أعضاءَ المحدث نجسة، يخالف هذا النَّص، والعجب أن هذا النص صريح في أن المشرك نجس، وفي أنَّ المؤمن ليس بنجس، ثم إنَّ قوماً قلبوا القضية، وقالوا: المشرك طاهرٌ، والمؤمن حال كونه محدثاً نجس، وزعموا أنَّ المياه التي يستعملها المشركون في أعضائهم بقيت طاهرة مطهرة، والمياه التي يستعملها أكابرُ الأنبياء في أعضائهم نجسة نجاسة غليظة، مع مخالفة قوله عليه الصلاة والسلام:
"المُؤمنُ لا يَنْجُسُ حيّاً، ولا ميتاً"
وأجمعوا على أنَّ إنساناً لو حمل محدثاً في صلاته لم تبطل صلاته، ولو كان يده رطبة فوصلت إلى يدِ مُحدث لم تنجس يده، ولو عرق المحدثُ ووصل العرقُ إلى ثوبه لم ينجس الثوب، والقرآن، والخبر، والإجماع، تطابقت على القول بطهارة وأعضاء المحدث، فكيف يمكن مخالفته؟
فصل
قيل المرادُ بالمسجدِ الحرام: نفس المسجدِ، وقيل: جميع الحرم، وهو الأقربُ لقوله تعالى: { وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ } وذلك لأن موضع التجارات ليس هو عين المسجد؛ فلو كان المقصود من هذه الآية المنع من المسجد خاصة، لما خافُوا بسبب هذا المنع من العَيْلَة، وإنَّما يخافون العيلة إذا منعوا من حضور الأسواقِ والمواسم، ويؤكد هذا قوله تعالى:
{
{ سُبْحَانَ ٱلَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ }
[الإسراء:1] مع أنَّهم أجمعُوا على أنه إنَّما رفع الرسول من بيت أم هانىء، ويؤيده قوله عليه الصلاة والسلام
"لا يجتمع دينان في جزيرة العربِ"
وهي من أقصى عدن أبين إلى ريف العراق طولاً، ومن جدة وما والاها من ساحل البحر إلى أطراف الشَّام عرضاً، واعلم أنَّ جملة بلاد الإسلام في حق الكفار ثلاثة أقسام:
أحدها: الحرم، فلا يجوزُ للكافر أن يدخله بحال ذمِّيّاً كان أو مستأمناً، لظاهر هذه الآية، وإذا جاء رسول من دار الكُفرِ إلى الإمام، والإمام في الحرمِ، لا يأذن له في دخول الحرم، بل يبعث إليه من يسمع رسالته خارج الحرم، وإن دخلَ مشرك الحرم متوارياً فمرض فيه، أخرجناه مريضاً، وإن مات ودفن ولم نعلم نبشناه، وأخرجنا عظامه إذا أمكن، وجوَّز أهل الكوفة للمعاهد دخول الحرم.
والقسم الثاني من بلاد الإسلام: الحجازُ، فيجوز للكافر دخولها بالإذن، ولكن لا يقيم أكثر من ثلاثة أيَّامٍ، مقام السفرِ، لما روي عن عمر بن الخطابِ، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"لَئِنْ عِشْتُ إنْ شاءَ الله لأخرجنَّ اليهُودَ والنَّصارى من جزيرةِ العربِ، حتى لا أدعُ إلاَّ مُسْلِماً"
فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأوصى فقال:
"أخرجُوا المُشركينَ مِنْ جزيرةِ العرب"
فلم يتفرَّغ لذلك أبو بكر، وأجلاهم عمر في خلافته، وأحل لمن يقدم منهم تاجراً ثلاثاً.
والقسم الثالث: سائر بلاد الإسلام؛ فيجوزُ للكافر أن يقيم فيها بذمَّة أو أمان، ولكن لا يدخلون المساجد إلا بإذن مسلم.
فصل
والمراد بقوله "بَعْدَ عامهم هذا" يعني العام الذي حجَّ فيه أبو بكرٍ بالنَّاس، ونادى علي بالبراءة، وهو سنة تسع من الهجرةِ.
قوله: { وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً }. العيلةُ: الفقرُ، يقال: عَالَ الرَّجُل يَعِيلُ عَيْلَةً: إذا افتقر. والمعنى: إن خفتم فقراً بسبب منع الكفار: "فسَوْفَ يغنيكُم الله مِنْ فَضْلِهِ" قال مقاتل "أسلم أهلُ جدة وصنعاء وحنين، وحملوا الطعام إلى مكَّة، فكفاهم الله ما كانوا يخافون".
وقال الحسنُ والضحاكُ وقتادةُ: "عوَّضهم الله عنها بالجزية" وقيل: أغناهم بالفيء. وقال عكرمة: "أنزل اللهُ عليهم المطر، وكثر خيرهم".
فإن قيل: الغرضُ بهذا الخبر، إزالة الخوف بالعيلة، وقوله "إن شَاء اللهُ" يمنع من فائدة هذا المقصود.
فالجوابُ من وجوه:
الأول: ألاَّ يحصل الاعتماد على حصول هذا المطلوب؛ فيكون الإنسان أبداً متضرّعاً إلى الله تعالى في طلب الخيرات، وفي دفع الآفات.
الثاني: أنَّ المقصود من ذكر هذا الشَّرط تعليم رعاية الأدب، كقوله:
{ لَتَدْخُلُنَّ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ }
[الفتح:27].
الثالث: المقصودُ: التَّنبيه على أنَّ حصول هذا المعنى لا يكون في كلِّ الأوقات، وفي جميع الأمكنة؛ لأنَّ إبراهيم عليه الصلاة والسلام - قال في دعائه:
{
{ وَٱرْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ ٱلثَّمَرَاتِ }
[البقرة:126] وكلمة "مِنْ" للتبعيض، فقوله ههنا "إن شَاءَ اللهُ" المراد منه ذلك التبعيض.
ثم قال: { إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ } بأحوالكم، "حَكِيمٌ" أي: لا يعطي ولا يمنع إلاَّ عن حكمة وصواب.
قوله تعالى: { قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلاَ بِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } الآية.
لمَّا بيَّن تعالى حكم المشركين في إظهار البراءة عنهم في أنفسهم، وفي وجوب مقاتلتهم، وفي تبعيدهم عن المسجد الحرام، ذكر بعده حكم أهل الكتاب، وهو أن يقاتلوا حتى يعطوا الجزية.
قال مجاهدٌ "نزلت حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتال الرُّوم، فغزا بعدها غزوة تبوك" وقال الكلبيُّ "نزلت في قريظة والنَّضير من اليهودِ، فصالحهم، فكانت أول جزية أصابها أهل الإسلام، وأول ذلّ أصاب أهل الكتاب بأيدي المسلمين".
فإن قيل: أهل الكتاب يؤمنون بالله واليوم الآخر، فكيف أمر بقتالهم؟.
فالجوابُ: لا يؤمنون كإيمان المؤمنين؛ فإنَّهم إذا قالوا: عزير ابن الله، والمسيح ابن الله، لا يكون ذلك إيماناً باللهِ.
قوله: { وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ } أي: لا يُحرِّمُون ما حرَّم الله في القرآن، وبينه الرسول، وقال أبو زيدٍ: لا يعملون بما في التوراة والإنجيل، بل حرفوهما وأتوا بأحكام كثيرة من قبل أنفسهم.
قوله { وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ ٱلْحَقِّ } أي: لا يدينون الدِّين الحق، أضاف الاسم إلى الصِّفةِ وقال قتادة: "الحَقّ" هو الله - عزَّ وجلَّ -؛ أي: لا يدينون دين الله، ودينه الإسلام. قال أبو عبيدة: معناه: لا يطيعون الله طاعة أهل الحقّ.
قوله: { مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ } بيانٌ للموصول قبله، والمرادُ: اليهودُ والنصارى { حَتَّىٰ يُعْطُواْ ٱلْجِزْيَةَ } وهي الخراجُ المضروب على رقابهم، و "الجِزْيةُ": "فِعْلَة"، لبيان الهيئة، كـ "الرِّكْبَة". قال الواحديُّ: "الجزيةُ: ما يعطى المعاهد على عهده، وهي "فِعْلة" من جزى يجزي إذا قضى ما عليه".
قوله: "عَن يَدٍ" حالٌ، أي: يُعْطُوها مقهورين أذِلاَّء، وكذلك: { وَهُمْ صَاغِرُونَ }.
قال الزمخشريُّ "قوله: "عن يدٍ" إمَّا أن يراد به عن يد المُعْطِي، أو يد الآخذ، فإن كان المراد به المعطي ففيه وجهان:
أحدهما: عن يد غير ممتنعة؛ لأنَّ مَنْ أبى وامتنع لم يعط عن يده، بخلافِ المطيع المنقاد.
وثانيهما: حتى يعطوها عن يد إلى يدٍ نقداً غير نسيئة، ولا مبعوثاً على يد أحدٍ، ولكن عن يد المُعطي إلى يد الآخذ.
وإن كان المرادُ به: يد الآخذ، ففيه وجهان:
الأول: حتى يعطوا الجزية عن يد قاهرة مستولية للمسلمين عليهم، كما تقولُ: اليد في هذا لفلان.
وثانيها: أنَّ المراد: عن إنعام عليهم؛ لأنَّ قبول الجزية منهم، وترك أرواحهم لهم نعمة عظيمة عليهم".
قوله { وَهُمْ صَاغِرُونَ } أي: تؤخذ الجزية منهم على الصغار والذل والهوان، يأتي بها بنفسه ماشياً إلا راكباً، ويسلمها وهو قائم والمتسلم جالس، ويؤخذ بلحيته ويقال له أدِّ الجزية.
وقال الكلبيُّ: "إذا أعْطَى يصفعُ في قفاهُ". وقيل: يكتب ويجرُّ إلى موضع الإعطاء.
وقيل: إعطاؤه إيَّاها هو الصَّغار؛ وقال الشافعيُّ "الصَّغارُ: جريان أحكام الإسلام عليهم".
فصل
الكفار فريقان، منهم عبدة الأوثان وعبدة ما استحسنوا، فهؤلاء لا يقرَّون على دينهم بأخذ الجزية؛ ويجب قتالهم حتى يقولوا: لا إله إلاَّ الله، ويصيروا مؤمنين.
والثاني: أهل الكتاب وهم اليهودُ والنصارى؛ فهؤلاء يقرون بالجزية، والمجوسُ أيضاً سبيلهم سبيل أهل الكتاب، لقوله عليه الصلاة والسلام:
"سُنُّوا بِهمْ سُنَّة أهْلِ الكِتابِ"
، وأخذه الجزية من مجوس هَجَرَ.
فصل
اتَّفَقَتْ الأمةُ على جواز أخذ الجزية من أهل الكتاب، وهم اليهودُ والنصارى إذا لم يكونوا عرباً، واختلفوا في أهل الكتابِ العرب وفي غير أهل الكتاب من كفار العجم؛ فذهب الشافعيُّ إلى أنَّ الجزية على الأديان لا على الأنساب، فتؤخذُ من أهل الكتاب عرباً كانوا أو عجماً، ولا يؤخذ من أهل الأوثان بحال؛ لأنَّ النبي - عليه الصَّلاة والسَّلام - أخذها من أَكَيْدِر دُومَةَ - وهو رجل من العرب يقال: غسان -، وأخذ من أهل دومة اليمنِ وعامتهم عرب؛ وذهب مالكٌ والأوزاعي إلى أنَّها تؤخذ من جميع الكُفَّارِ.
وقال أبُو حنيفة: تؤخذُ من أهل الكتابِ على العموم، وتؤخذُ من مشركي العجم، ولا تؤخذ من مشركي العربِ. وقال أبو يوسف: لا تؤخذُ من العربي كتابياً كان أو مشركاً وتؤخذ من العجمي كتابيّاً كان أو مشركاً، وأمَّا المجوس فاتفقت الصَّحابةُ على أخذ الجزية منهم؛ لقوله - عليه الصلاة والسلام -:
"سُنُّوا بِهمْ سُنَّةَ أهْلِ الكِتابِ"
.
فصل
قال القاضي: قسم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على كل محتلم ديناراً، وقسم عمر على الفقراء من أهل الذمة اثني عشر درهماً، وعلى الأوْساطِ أربعة وعشرين، وعلى أهل الثروة ثمانية وأربعين، ولمَّا بعث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم معاذاً إلى اليمن أمرهُ أن يأخذَ من كلِّ حالم ديناراً، أي: بالغ، ولم يفرِّق بين الغني والفقير والوسط، وذلك دليل على أنها لا تجب على الصبيان، وكذلك لا تجب على النساء، إنَّما تؤخذ من الأحرار البالغين العقلاء من الرجالِ.
فصل
تؤخذ الجزية عند أبي حنيفة في أوَّل السنة، وعند الشافعي وغيره في آخرها. وتسقط الجزية بالإسلام والموت عند أبي حنيفة وغيره لقوله عليه الصلاة والسلام
"لَيْسَ عَلى المُسلمِ جزيةٌ"
وعند الشافعي -
رضي الله عنه
- لا تسقطُ.
فصل
قال بعضُ العلماءِ: هؤلاء إنَّما أقرُّوا على دينهم الباطل بأخذ الجزية حرمة لآبائهم الذين انقرضوا على الحق من شريعة التوراة والإنجيل، وأيضاً فكتابهم في أيديهم، فربَّما يتفكرون فيه فيعرفون صدق محمد ونبوته، فأمهلوا لهذا المعنى.
فصل
طعن ابنُ الراوندي في القرآن وقال: إنه ذكر في تعظيم كفر النصارى، قوله:
{
{ تَكَادُ ٱلسَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ ٱلأَرْضُ وَتَخِرُّ ٱلْجِبَالُ هَدّاً أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَداً }
[مريم:90-91] فبيَّن أنَّ إظهارهم لهذا القولِ بلغ إلى هذا الحدِّ، ثم إنَّه أخذ منهم ديناراً واحداً وأقرهم عليه، وما منعهم منه.
والجواب: ليس المقصود من أخذ الجزية تقريره على الكُفرِ، بل المقصودُ حقن دمه وإمهاله مدَّة، رجاء أنه ربما وقف في هذه المدة على محاسنِ الإسلام وقوَّة دلائله؛ فينتقل من الكفر إلى الإيمان.
x
x
x
x
x
x
x
x
x
x
اختر كتب التفسير المراد اضافتها للمقارنة :
--- كل المدارس ---
أمهات التفاسير
تفاسير أهل السنة
تفاسير أهل السنة الصوفية
تفاسير أهل السنة السلفية
تفاسير ميسرة
تفاسير الشيعة الإثنى عشرية
تفاسيرالزيدية
تفاسيرالاباضية
تفاسير حديثة
تفاسير مختصرة
موافق
أعلى الصفحة
2024 © جميع الحقوق محفوظة