التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ ٱلْبَغْضَآءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ
١١٨
هَآأَنْتُمْ أُوْلاۤءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِٱلْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوۤاْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ ٱلأَنَامِلَ مِنَ ٱلْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ
١١٩
إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ
١٢٠
-آل عمران

الدر المنثور في التفسير بالمأثور

أخرج ابن إسحق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كان رجال من المسلمين يواصلون رجالاً من يهود لما كان بينهم من الجوار والحلف في الجاهلية، فأنزل الله فيهم ينهاهم عن مباطنتهم تخوف الفتنة عليهم منهم { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم... } الآية.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { لا تتخذوا بطانة من دونكم } قال: هم المنافقون.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال: نزلت في المنافقين من أهل المدينة. نهى المؤمنين أن يتولَّوهم.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني بسند جيد عن حميد بن مهران المالكي الخياط قال: سألت أبا غالب عن قوله { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم... } الآية قال "حدثني أبو أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: هم الخوارج".
وأخرج عبد بن حميد وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
"لا تنقشوا في خواتيمكم عربياً، ولا تستضيئوا بنار المشركين. فذكر ذلك للحسن فقال: نعم. لا تنقشوا في خواتيمكم محمداً، ولا تستشيروا المشركين في شيء من أموركم" قال الحسن: وتصديق ذلك في كتاب الله { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم }.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عمر بن الخطاب، أنه قيل له إن هنا غلاماً من أهل الحيرة حافظاً كاتباً، فلو اتخذته كاتباً قال: قد اتخذت إذن بطانة من دون المؤمنين.
وأخرج ابن جرير عن الربيع { لا تتخذوا بطانة } يقول: لا تستدخلوا المنافقين تتولوهم دون المؤمنين.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي { ودوا ما عنتم } يقول: ما ضللتم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل { ودوا ما عنتم } يقول: ودّ المنافقون ما عنت المؤمنون في دينهم.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة { قد بدت البغضاء من أفواههم } يقول: من أفواه المنافقين إلى إخوانهم من الكفار من غشهم للإسلام وأهله وبغضهم إياهم { وما تخفي صدورهم أكبر } يقول: ما تكنُّ صدورهم أكبر مما قد أبدوا بألسنتهم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله { ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم } قال المؤمن خير للمنافق من المنافق للمؤمن يرحمه في الدنيا. لو يقدر المنافق من المؤمن على مثل ما يقدر عليه منه لأباد خضراءه.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة. مثله.
وأخرج إسحق وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله { وتؤمنون بالكتاب كله } أي بكتابكم وكتابهم، وبما مضى من الكتب قبل ذلك، وهم يكفرون بكتابكم، فأنتم أحق بالبغضاء لهم منهم لكم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن مسعود { وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل } قال: هكذا ووضع أطراف أصابعه في فيه.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله { وإذا لقوكم... } الآية. قال: إذا لقوا المؤمنين { قالوا آمنا } ليس بهم إلا مخافة على دمائهم وأموالهم فصانعوهم بذلك { وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ } يقول: مما يجدون في قلوبهم من الغيظ والكراهة لما هم عليه، لو يجدون ريحاً لكانوا على المؤمنين.
وأخرج ابن جرير عن السدي { عضوا عليكم الأنامل } قال: الأصابع.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي الجوزاء قال: نزلت هذه الآية في الأباضية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل { إن تمسسكم حسنة } يعني النصر على العدوّ، والرزق، والخير، يسؤهم ذلك { وإن تصبكم سيئة } يعني القتل والهزيمة والجهد.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال: إذا رأوا من أهل الإسلام إلفة وجماعة وظهوراً علىعدوّهم غاظهم ذلك وساءهم، وإذا رأوا من أهل الإسلام فرقة واختلافاً أو أصيب طرف من أطراف المسلمين سرهم ذلك وابتهجوا به.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ { وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم } مشددة برفع الضاد والراء.