التفاسير

< >
عرض

الۤـمۤ
١
تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْحَكِيمِ
٢
هُدًى وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ
٣
ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ
٤
أُوْلَـٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ
٥
وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ
٦
-لقمان

الدر المنثور في التفسير بالمأثور

أخرج البيهقي في شعب الإِيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ‏ { ‏ومن الناس من يشتري لهو الحديث‏ } ‏ يعني باطل الحديث‏.‏ وهو النضر بن الحارث بن علقمة‏.‏ اشترى أحاديث العجم وصنيعهم في دهرهم، وكان يكتب الكتب من الحيرة والشام ويكذب بالقرآن، فأعرض عنه فلم يؤمن به‏.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله { ‏ومن الناس من يشتري لهو الحديث‏ } ‏ قال‏:‏ شراؤه استحبابه‏.‏ وبحسب المرء من الضلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحق‏.‏ وفي قوله ‏ { ‏ويتخذها هزوا‏ً } ‏ قال‏:‏ يستهزىء بها ويكذبها‏.
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله { ‏ويتخذها هزواً‏ } قال‏:‏ سبيل الله يتخذ السبيل هزوا‏ً.
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ‏ { ‏ومن الناس من يشتري لهو الحديث‏ } قال‏:‏ باطل الحديث‏.‏ وهو الغناء ونحوه ‏{ ‏وليضل عن سبيل الله‏ } ‏ قال‏:‏ قراءة القرآن، وذكر الله‏.‏ نزلت في رجل من قريش اشترى جارية مغنية‏.
وأخرج جويبر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ‏ { ‏ومن الناس من يشتري لهو الحديث‏ } قال‏:‏ أنزلت في النضر بن الحارث‏.‏ اشترى قينة فكان لا يسمع بأحد يريد الإِسلام إلا انطلق به إلى قينته، فيقول‏:‏ أطعميه واسقيه وغنيه، هذا خير مما يدعوك إليه محمد من الصلاة والصيام، وأن تقاتل بين يديه، فنزلت‏.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والترمذي وابن ماجة وابن أبي الدنيا في ذم الملاهي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن أبي امامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏
"‏لا تبيعوا القينات، ولا تشتروهن، ولا تعلموهن، ولا خير في تجارة فيهن، وثمنهن حرام‏.‏ في مثل هذا أنزلت هذه الآية ‏{ ‏ومن الناس من يشتري لهو الحديث‏‏‏ } ‏ إلى آخر الآية‏"
‏‏.‏ وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "‏ان الله حرم القينة وبيعها وثمنها وتعليمها والاستماع إليها‏.‏ ثم قرأ ‏ { ‏ومن الناس من يشتري لهو الحديث‏ }‏
"
"‏‏. وأخرج البخاري في الأدب المفرد وابن أبي الدنيا وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما‏ { ‏ومن الناس من يشتري لهو الحديث‏ } ‏ قال‏:‏ هو الغناء وأشباهه‏.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما { ‏ومن الناس من يشتري لهو الحديث‏ }‏ قال‏:‏ هو شراء المغنية‏.‏
وأخرج ابن عساكر عن مكحول رضي الله عنه في قوله ‏{ ‏ومن الناس من يشتري لهو الحديث‏ }‏ قال‏:‏ الجواري الضاربات‏.‏
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإِيمان عن أبي الصهباء قال‏:‏ سألت عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه عن قوله تعالى { ‏ومن الناس من يشتري لهو الحديث‏ } ‏ قال‏:‏ هو - والله - الغناء‏.
وأخرج ابن أبي الدنيا وابن جرير عن شعيب بن يسار قال‏:‏ سألت عكرمة رضي الله عنه عن ‏ { ‏لهو الحديث‏ } ‏ قال‏:‏ هو الغناء‏.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي الدنيا وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه ‏ { ‏ومن الناس من يشتري لهو الحديث‏ } ‏ قال‏:‏ هو الغناء، وكل لعب ولهو‏.
وأخرج ابن أبي الدنيا من طريق حبيب بن أبي ثابت عن إبراهيم رضي الله عنه { ‏ومن الناس من يشتري لهو الحديث‏ } ‏ قال‏:‏ هو الغناء وقال مجاهد رضي الله عنه‏:‏ هو لهو الحديث‏.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء الخراساني رضي الله عنه ‏{ ‏ومن الناس من يشتري لهو الحديث‏ } ‏ قال‏:‏ الغناء والباطل‏.‏
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال‏:‏ نزلت هذه الآية ‏ { ‏ومن الناس من يشتري لهو الحديث‏ } ‏ في الغناء والمزامير‏.‏
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في سننه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال‏:‏ الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع، والذكر ينبت الإِيمان في القلب كما ينبت الماء الزرع‏.‏
وأخرج ابن أبي الدنيا عن إبراهيم رضي الله عنه قال‏:‏ كانوا يقولون‏:‏ الغناء ينبت النفاق في القلب‏.‏
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في سننه عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
"‏الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل‏"
‏‏. وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال‏:‏ إذا ركب الرجل الدابة ولم يسم ردفه شيطان، فقال‏:‏ تغنه، فإن كان لا يحسن قال له‏:‏ تمنه‏.‏
وأخرج ابن أبي الدنيا وابن مردويه عن أبي امامة رضي الله عنه؛‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏
"‏ما رفع أحد صوته بغناء إلا بعث الله إليه شيطانين يجلسان على منكبيه يضربان باعقابهما على صدره حتى يمسك"
‏"‏‏. وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن الشعبي عن القاسم بن محمد رضي الله عنه أنه سئل عن الغناء، فقال‏:‏ أنهاك عنه، وأكرهه لك‏.‏ قال السائل‏:‏ احرام هو‏؟‏ قال‏:‏ انظر يا ابن أخي‏.‏ إذا ميز الله الحق من الباطل في أيهما يجعل الغناء‏.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن الشعبي قال‏:‏ لعن المغني والمغنى له‏.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن فضيل بن عياض قال‏:‏ الغناء رقية الزنا‏.‏
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن أبي عثمان الليثي قال‏:‏ قال يزيد بن الوليد الناقص‏:‏ يا بني أمية إياكم والغناء فإنه ينقص الحياء، ويزيد في الشهوة، ويهدم المروءة، وإنه لينوب عن الخمر، ويفعل ما يفعل السكر، فإن كنتم لا بد فاعلين فجنبوه النساء، فإن الغناء داعية الزنا‏.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن أبي جعفر الأموي عمر بن عبد الله قال‏:‏ كتب عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه إلى مؤدب وِلْدِهِ‏:‏ من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى سهل مولاه‏.‏ أما بعد فإني اخترتك على علم مني لتأديب وِلْدِي، وصرفتهم إليك عن غيرك من مواليَّ وذوي الخاصة بي، فخذهم بالجفاء فهو أمكن لاقدامهم، وترك الصحبة فإن عادتها تكسب الغفلة، وكثرة الضحك فإن كثرته تميت القلب، وليكن أول ما يعتقدون من أدبك بغض الملاهي التي بدؤها من الشيطان، وعاقبتها سخط الرحمن، فإنه بلغني عن الثقات من حملة العلم إن حضور المعازف، واستماع الأغاني، واللهج بهما ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء العشب، ولعمري ولتوقي ذلك بترك حضور تلك المواطن أيسر على ذوي الذهن من الثبوت على النفاق في قلبه، وهو حين يفارقها لا يعتقد مما سمعت أذناه على شيء ينتفع به، وليفتح كل غلام منهم بجزئه من القرآن يثبت في قراءته، فإذا فرغ منه تناول قوسه وكنانته وخرج إلى الغرض حافياً، فرمى سبعة ارشاق ثم انصرف إلى القائلة، فإن ابن مسعود رضي الله عنه كان يقول‏:‏ يا بني قيلوا فإن الشياطين لا تقيل والسلام‏.‏
وأخرج ابن أبي الدنيا عن رافع بن حفص المدني قال‏:‏ أربع لا ينظر الله إليهن يوم القيامة‏.‏ الساحرة‏.‏ والنائحة‏.‏ والمغنية‏.‏ والمرأة مع المرأة‏.‏ وقال‏:‏ من أدرك ذلك الزمان فأولى به طول الحزن‏.‏
وأخرج ابن أبي الدنيا عن علي بن الحسين رضي الله عنه قال‏:‏ ما قدّست أمة فيها البربط‏.‏
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه؛‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏
‏"‏ "إنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين:‏ صوت عند نغمة لهو ولعب، ومزامير شيطان، وصوت عند مصيبة‏:‏ خدش وجوه، وشق جيوب، ورنة شيطان‏"
‏‏.‏ وأخرج ابن أبي الدنيا عن الحسن رضي الله تعالى عنه قال‏:‏ صوتان ملعونان‏.‏ مزمار عند نغمة‏.‏ ورنة عند مصيبة‏.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال‏:‏ أخبث الكسب كسب الزمارة‏.‏
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن نافع قال‏:‏ كنت أسير مع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في طريق، فسمع زمارة راع، فوضع أصبعيه في أذنيه، ثم عدل عن الطريق، فلم يزل يقول‏:‏ يا نافع أتسمع‏؟‏ قلت‏:‏ لا‏.‏ فأخرج أصبعيه من أذنيه وقال‏:‏ هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع‏.
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن عمر ‏
"‏ "‏أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ في هذه الآية ‏{ ‏ومن الناس من يشتري لهو الحديث‏ } إنما ذلك شراء الرجل اللعب والباطل"
‏"‏‏. وأخرج الحاكم في الكنى عن عطاء الخراساني رضي الله عنه قال‏:‏ نزلت هذه الآية ‏ { ‏ومن الناس من يشتري لهو الحديث‏ } ‏ في الغناء والباطل والمزامير‏.‏
وأخرج آدم وابن جرير والبيهقي في سننه عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ‏ { ‏ومن الناس من يشتري لهو الحديث‏ }‏ قال‏:‏ هو اشتراؤه المغني والمغنية بالمال الكثير، والاستماع إليه وإلى مثله من الباطل‏.
وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله ‏ { ‏ومن الناس من يشتري لهو الحديث‏ } ‏ قال‏:‏ هو رجل يشتري جارية تغنيه ليلاً أو نهارا‏ً.‏