التفاسير

< >
عرض

وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِٱللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ
٦٥
لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنْكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ
٦٦
-التوبة

الدر المنثور في التفسير بالمأثور

أخرج أبو نعيم في الحلية عن شريح بن عبيد رضي الله عنه‏.‏ أن رجلاً قال لأبي الدرداء رضي الله عنه‏:‏ يا معشر القراء ما بالكم أجبن منا وأبخل إذا سئلتم، وأعظم لقماً إذا أكلتم‏؟‏ فأعرض عنه أبو الدرداء ولم يرد عليه شيئاً، فأخبر بذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فانطلق عمر إلى الرجل الذي قال ذلك، فقاله بثوبه وخنقه وقاده إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال الرجل‏:‏ إنما كنا نخوض ونلعب‏.‏ فأوحى الله تعالى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم ‏ { ‏ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب‏ } ‏‏.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن عبد الله بن عمر قال
"‏قال رجل في غزوة تبوك في مجلس يوماً‏:‏ ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء، لا أرغب بطونا، ولا أكذب ألسنة، ولا أجبن عند اللقاء‏.‏‏!‏ فقال رجل في المجلس‏:‏ كذبت، ولكنك منافق‏.‏ لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزل القرآن،‏.‏ قال عبد الله‏:‏ فأنا رأيته متعلقاً يحقب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم والحجارة تنكيه وهو يقول‏:‏ يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب‏.‏ والنبي صلى الله عليه وسلم يقول‏: أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون‏؟‏ "
‏"‏‏. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والعقيلي في الضعفاء وأبو الشيخ وابن مردويه والخطيب في رواة مالك عن ابن عمر قال "‏رأيت عبد الله بن أبي وهو يشتد قدام النبي صلى الله عليه وسلم والأحجار تنكيه، وهو يقول‏:‏ يا محمد إنما كنا نخوض ونلعب، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول‏: أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون‏؟‏ ‏"
‏‏.‏ وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله ‏{ ‏ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب‏ } ‏ قال‏:‏ قال رجل من المنافقين يحدثنا محمد‏:‏ أن ناقة فلان بوادي كذا وكذا في يوم كذا وكذا، وما يدريه بالغيب‏؟‏‏.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في الآية قال‏:‏
"بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوته إلى تبوك وبين يديه أناس من المنافقين، فقالوا‏:‏ يرجو هذا الرجل أن تفتح له قصور الشام وحصونها‏؟‏ هيهات هيهات‏.‏‏.‏‏.‏‏!‏ فأطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على ذلك، فقال نبي صلى الله عليه وسلم ‏احسبوا عليَّ هؤلاء الركب‏. فأتاهم فقال‏: قلتم كذا قلتم كذا‏. قالوا‏:‏ يا نبي الله إنما كنا نخوض ونلعب، فأنزل الله فيهما ما تسمعون‏‏‏" .
وأخرج الفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن سعيد بن جبير قال "بينما النبي صلى الله عليه وسلم في مسيره وأناس من المنافقين يسيرون أمامه، فقالوا‏:‏ إن كان ما يقول محمد حقاً فلنحن أشر من الحمير‏.‏ فأنزل الله تعالى ما قالوا، فأرسل إليهم‏.‏ ما كنتم تقولون‏؟‏ فقالوا‏:‏ إنما كنا نخوض ونلعب‏"‏‏.
وأخرج ابن إسحق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن كعب بن مالك قال
"‏قال محشي بن حمير‏:‏ لوددت أني أقاضي على أن يضرب كل رجل منكم مائة على أن ينجو من أن ينزل فينا قرآن‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمار بن ياسر ‏أدرك القوم فإنهم قد احترقوا فسلهم عما قالوا، فإن هم أنكروا وكتموا فقل بلى قد قلتم كذا وكذا، فأدركهم فقال لهم‏.‏ فجاءوا يعتذرون، فأنزل الله ‏{ ‏لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم‏ } ‏ الآية‏.‏ فكان الذي عفا الله عنه محشي بن حمير، فتسمى عبد الرحمن وسأل الله أن يقتل شهيداً لا يعلم بمقتله‏.‏ فقتل باليمامة لا يعلم مقتله، ولا من قتله، ولا يرى له أثر ولا عين
‏"
‏‏. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال‏:‏ نزلت هذه الآية في رهط من المنافقين من بني عمرو بن عوف، فيهم وديعة بن ثابت ورجل من أشجع حليف لهم يقال له محشي بن حمير، كانوا يسيرون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منطلق إلى تبوك، فقال بعضهم لبعض‏:‏ أتحسبون قتال بني الأصفر كقتال غيرهم‏؟‏ والله لكأنا بكم غداً تقادون في الحبال‏.‏ قال محشي بن حمير‏:‏ لوددت أني أقاضي‏.‏ فذكر الحديث مثل الذي قبله‏.
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود‏.‏ نحوه‏.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وأبو الشيخ عن الكلبي
"‏أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أقبل من غزوة تبوك وبين يديه ثلاثة رهط استهزأوا بالله وبرسوله وبالقرآن، قال‏:‏ كان رجل منهم لم يمالئهم في الحديث يسير مجانباً لهم يقال له يزيد بن وديعة، فنزلت ‏{ ‏إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة‏ }‏ فسمي طائفة وهو واحد‏" .
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏ { ‏إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة‏ } ‏ قال‏:‏ الطائفة الرجل والنفر‏.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال‏:‏ الطائفة الواحد إلى الألف‏.
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال‏:‏ الطائفة رجل فصاعدا‏ً.
وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك ‏ { ‏إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة‏ } ‏ يعني أنه إن عفى بعضهم فليس بتارك الآخرين أن يعذبهم ‏{ ‏بأنهم كانوا مجرمين‏ } ‏‏.
وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله قال‏:‏ كان فيمن تخلف بالمدينة من المنافقين وداعة بن ثابت أحد بني عمرو بن عوف، فقيل له‏:‏ ما خلفك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم‏؟‏ فقال‏:‏ الخوض واللعب‏.‏ فأنزل الله فيه وفي أصحابه ‏ { ‏ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب‏ } ‏ إلى قوله ‏ { ‏مجرمين‏ }‏‏ .