التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ وٱتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ خَيْرٌ لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ
١٠٣
-البقرة

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَلَوْ أَنَّهُمْ ءامَنُواْ } أي بالرسول المومأ إليه في قوله تعالى: { { وَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُولٌ مّنْ عِندِ ٱللَّهِ } [البقرة، الآية 101] الخ أو بما أنزل إليه من الآيات المذكورة في قوله تعالى: { { وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ ءايَـٰتٍ بَيِّنَـٰتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلاَّ ٱلْفَـٰسِقُونَ } [البقرة، الآية 99] أو بالتوراةِ التي أريدتْ بقوله تعالى: { { نَبَذَ فَرِيقٌ مّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ كِتَـٰبَ ٱللَّهِ وَرَاء ظُهُورِهِمْ } [البقرة، الآية 101] فإن الكفر بالقرآن والرسول عليه السلام كفرٌ بها { وَٱتَّقَوْاْ } المعاصيَ المحكيةَ عنهم { لَمَثُوبَةٌ مّنْ عِندِ ٱللَّهِ خَيْرٌ } جواب لو، وأصلُه لأُثيبوا مَثوبةً من عند الله خيراً مما شرَوْا به أنفسَهم فحُذفَ الفعلُ وغُيِّر السبكُ إلى ما عليه النظمُ الكريم دلالةً على ثبات المثوبةِ لهم والجزمِ بخيريّتها، وحُذف المفضَّلُ عليه إجلالاً للمفضَّل من أن يُنسبَ إليه، وتنكيرُ المثوبة للتقليل ومن متعلقة بمحذوفٍ وقع صفةً تشريفيةً لِمثوبةٌ أي لَشيءٌ ما من المثوبة (الكائنة) من عنده تعالى خير، وقيل: جواب لو محذوفٌ أي لأثيبوا، وما بعده جملة مستأنفة فإن وقوعَ الجملةِ الابتدائية جواباً لِلَوُ غيرُ معهود في كلام العرب وقيل: لو للتمني ومعناه أنهم من فظاعة الحال بحيث يتمنىٰ العارفُ إيمانَهم واتقاءهم تلهّفاً عليهم، وقرىء لمثوبة وإنما سمي الجزاء ثواباً ومثوبةً لأن المحسن يثوب إليه { لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } أن ثواب الله خيرٌ، نُسبوا إلى الجهل لعدم العملِ بموجب العلم.