التفاسير

< >
عرض

وَأَقِيمُواْ ٱلصَّـلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَـاةَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ
٥٦
-النور

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّـلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَـاةَ } عطفٌ على مقدَّرٍ ينسحبُ عليه الكلامُ ويستدعيهِ النِّظامُ فإنَّ خطابَه تعالى للمأمورينَ بالطَّاعةِ على طريقِ التَّرهيبِ من التَّولِّي بقوله تعالى: { { فَإِن تَوَلَّوْاْ } [النور: 54] الخ، وترغيبَه تعالى إيَّاهم في الطَّاعة بقوله تعالى: { وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُواْ } الخ، ووعدَه تعالى إيَّاهم على الإيمان والعملِ الصَّالحِ بما فُصِّل من الاستخلافِ وما يتلُوه من الرَّغائبِ الموعُودةِ ووعيدَه على الكفرِ ممَّا يوجبُ الأمرَ بالإيمانِ والعملِ الصَّالحِ والنَّهيِ عن الكُفر فكأنَّه قيل: فآمِنُوا واعملُوا صالحاً وأقيمُوا أو فلا تكفرُوا وأقيمُوا، وعطفُه على أطيعُوا الله مما لا يليقُ بجزالةِ النَّظمِ الكريمِ { وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ } أمرهم الله سبحانه وتعالى بالذَّاتِ بما أمرَهم به بواسطة الرَّسولِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ من طاعتِه التي هي طاعتُه تعالى في الحقيقة تأكيداً للأمرِ السَّابقِ وتقريراً لمضمونه على أنَّ المرادَ بالمُطاع فيه جميعُ الأحكامِ الشَّرعيةِ المنتظمةِ للآداب المرضيَّةِ أيضاً أي وأطيعُوه في كلِّ ما يأمرُكم به وينهاكم عنه أو تكميلاً لما قبله من الأمرينِ الخاصَّينِ المتعلِّقينِ بالصَّلاةِ والزَّكاةِ على أنَّ المرادَ بما ذُكر ما عداهما من الشَّرائعِ أي وأطيعُوه في سائر ما يأمرُكم به الخ، وقوله تعالى: { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } متعلِّقٌ على الأوَّلِ بالأمرِ الأخيرِ المُشتمل على جميعِ الأوامرِ وعلى الثَّانِي بالأوامرِ الثَّلاثةِ أي افعلُوا ما ذُكر من الإقامةِ والإيتاءِ والإطاعةِ راجينَ أنْ تُرحموا.