التفاسير

< >
عرض

وَلَمَنِ ٱنتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِّن سَبِيلٍ
٤١
إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ عَلَى ٱلَّذِينَ يَظْلِمُونَ ٱلنَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
٤٢
وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ
٤٣
وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن وَلِيٍّ مِّن بَعْدِهِ وَتَرَى ٱلظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَىٰ مَرَدٍّ مِّن سَبِيلٍ
٤٤
وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ ٱلذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّ ٱلْخَاسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ أَلاَ إِنَّ ٱلظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ
٤٥
-الشورى

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَلَمَنِ ٱنتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ } أي بعدَ ما ظُلِمَ، وقَدْ قُرِىءَ بهِ. { فَأُوْلَـئِكَ } إشارةٌ إلى مَنْ باعتبارِ المَعْنى، كَما أنَّ الضميرينِ لَها باعتبارِ اللفظِ. { مَا عَلَيْهِمْ مّن سَبِيلٍ } بالمُعَاتبةِ أو المُعَاقبةِ { إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ عَلَى ٱلَّذِينَ يَظْلِمُونَ ٱلنَّاسَ } يبتدئونَهُم بالإضرارِ أوْ يعتدونَ في الانتقامِ. { وَيَبْغُونَ فِى ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقّ } أيْ يتكبرونَ فيَها تجبُّراً وفساداً { أُوْلَـٰئِكَ } الموصوفونَ بما ذُكِرَ من الظُّلمِ والبغيِ بغيرِ الحقِّ { لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } بسببِ ظُلمهم وبغيِهم { وَلَمَن صَبَرَ } على الأذَى { وَغَفَرَ } لِمَنْ ظلمَهُ وَلم ينتصرْ وفوَّضَ أمرَهْ إلى الله تعالَى { إِنَّ ذٰلِكَ } الذي ذُكِرَ مِنَ الصبرِ والمغفرةِ { لَمِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } أيْ إنَّ ذلكَ مِنْهُ، فحذفَ ثقةً بغايةِ ظهورِه كَما في قولِهم السمنُ مَنَوانِ بدرهمٍ، وهَذا في الموادِّ التي لا يُؤدِّي العفوُ إلى الشرِّ كَما أُشيرَ إليهِ. { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن وَلِىّ مّن بَعْدِهِ } من ناصرٍ يتولاَّهُ من بعدِ خذلانِه تعالى إيَّاهُ. { وَتَرَى ٱلظَّـٰلِمِينَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ } أيْ حينَ يَرَوْنَهُ. وصيغةُ الماضِي للدلالةِ على التحقُّقِ. { يَقُولُونَ هَلْ إِلَىٰ مَرَدّ } أيْ إلى رجعةٍ إلى الدُّنيا { مّن سَبِيلٍ } حَتَّى نُؤمنَ ونعملَ صالحاً. { وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا } أيْ عَلَى النَّار المدلولِ عليها بالعذابِ، والخطابُ في الموضعينِ لكلِّ مَنْ يتأتَّى منْهُ الرؤيةُ. { خَـٰشِعِينَ مِنَ ٱلذُّلّ } متذللينَ مُتضائلينَ مِمَّا دهاهُم. { يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِىّ } أي يبتدىءُ نظرُهم إلى النَّارِ من تحريكٍ لأجفانِهم ضعيفٍ كالمصبورِ ينظرُ إلى السيفِ. { وَقَالَ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ إِنَّ ٱلْخَـٰسِرِينَ } أي المتصفينَ بحقيقةِ الخُسرانِ { ٱلَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ } بالتعريضِ للعذابِ الخالدِ. { يَوْمُ ٱلْقِيَـٰمَةِ } إِمَّا ظرفٌ لخسِرُوا فالقولُ في الدُّنيا أوْ لقالَ، فالقولُ يومَ القيامةِ أي يقولونَ حينَ يَرَونهم على تلك الحالِ. وصيغةُ الماضِي للدلالةِ على تحققهِ. وقولُه تعالى: { أَلاَ إِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ فِى عَذَابٍ مُّقِيمٍ } إمَّا من تمامِ كلامِهم، أو تصديقٌ منَ الله تعالى لَهُم.