التفاسير

< >
عرض

تَرَىٰ كَثِيراً مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي ٱلْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ
٨٠
وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَآءَ وَلَـٰكِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ
٨١
-المائدة

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ تَرَىٰ كَثِيراً مّنْهُمْ } أي من أهل الكتاب ككعبِ بن الأشرف وأضرابِه حيث خرجوا إلى مشركي مكةَ ليتّفقوا على محاربة النبـي عليه الصلاة والسلام، والرؤيةُ بصرية وقوله تعالى: { يَتَوَلَّوْنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } حال من (كثيراً) لكونه موصوفاً، أي يوالون المشركين بُغضاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، وقيل: مِنْ منافقي أهل الكتاب يتولَّوْن اليهود. وهو قول ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ومجاهد والحسن، وقيل: يوالون المشركين ويُصافوُنهم { لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ } لبئس شيئاً قدّموا ليَرِدوا عليه يوم القيامة { أَن سَخِطَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ } هو المخصوصُ بالذم على حذف المضاف وإقامةِ المضاف إليه مُقامَه، تنبـيهاً على كمال التعلق والارتباط بـينهما كأنهما شيء واحد، ومبالغةً في الذم أي موجبُ سُخطِه تعالى، ومحله الرفع على الابتداء والجملة قبله خبرُه، والرابط عند من يشترطه هو العموم، أو لا حاجة إليه، لأن الجملةَ عينُ المبتدأ، أو على أنه خبر لمبتدأ محذوف ينبىء عنه الجملة المتقدمة، كأنه قيل: ما هو؟ أو أيُّ شيء هو؟ فقيل: هو أنْ سخِط الله عليهم، وقيل: المخصوصُ بالذم محذوفٌ و(ما) اسم تامٌّ معرفةٌ في محل رفع بالفاعلية لفعل الذم، و(قدمت لهم أنفسهم) جملة في محل الرفع على أنها صفة للمخصوصِ بالذم قائمةٌ مَقامه، والتقدير لبئس الشيءُ شيءٌ قدّمتْه لهم أنفسُهم، فقوله تعالى: { أَن سَخِطَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ } بدلٌ من (شيء) المحذوفِ، وهذا مذهب سيبويه { وَفِى ٱلْعَذَابِ } أي عذاب جهنم { هُمْ خَـٰلِدُونَ } أبد الآبدين { وَلَوْ كَانُواْ } أي الذين يتولون المشركين من أهل الكتاب { يُؤْمِنُونَ بِالْلهِ والنَّبِىّ } أي نبـيهم { وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ } من الكتاب، أو لو كان المنافقون يؤمنون بالله ونبـينا إيماناً صحيحاً { مَا اتَّخَذُوهُمْ } أي المشركين واليهود { أَوْلِيَاء } فإن الإيمان بما ذُكر وازعٌ عن تولِّيهم قطعاً { وَلَـٰكِنَّ كَثِيراً مّنْهُمْ فَـٰسِقُونَ } خارجون عن الدين والإيمان بالله ونبـيهم وكتابهم أو متمرِّدون في النفاق مفرِّطون فيه.