التفاسير

< >
عرض

وَلَمَّا سُقِطَ فِيۤ أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْاْ أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ قَالُواْ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ
١٤٩
-الأعراف

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَلَمَّا سُقِطَ فَى أَيْدِيهِمْ } أي ندِموا على ما فعلوا غايةَ الندمِ فإن ذلك كنايةٌ عنه لأن النادمَ المتحسِّرَ يعَضُّ يدَه غماً فتصير يدُه مسقوطاً فيها، وقرىء سقَطَ على البناء للفاعل بمعنى وقع العضُّ فيها فاليدُ حقيقةٌ، وقال الزجاج: معناه سقَط الندمُ في أنفسهم إما بطريق الاستعارةِ بالكناية أو بطريق التمثيل { وَرَأَوْاْ أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ } باتخاذ العجلِ أي تبـيّنوا بحيث تيقنوا بذلك حتى كأنهم رأَوْه بأعينهم، وتقديمُ ذكرِ ندمِهم على هذه الرؤيةِ مع كونه متأخراً عنها للمسارعة إلى بـيانه والإشعارِ بغاية سُرعتِه كأنه سابقٌ على الرؤية { قَالُواْ } والله { لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا } بإنزال التوبةِ المكفرة { وَيَغْفِرْ لَنَا } ذنوبَنا بالتجاوز عن خطيئتنا، وتقديمُ الرحمةِ على المغفرة مع أن التخليةَ حقُّها أن تقدمَ على التحلية إما للمسارعة إلى ما هو المقصودُ الأصليّ وإما لأن المرادَ بالرحمة مطلقُ إرادةِ الخير بهم وهو مبدأٌ لإنزال التوبةِ المكفرة لذنوبهم، واللامُ في لئن موطئةٌ للقسم كما أشير إليه وفي قوله تعالى: { لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ } لجواب القسمِ، وما حُكي عنهم من الندامة والرؤية والقولِ وإن كان بعد ما رجَع موسى عليه الصلاة والسلام إليهم كما ينطِق به الآياتُ الواردة في سورة طه لكن أريد بتقديمه عليه حكايةُ ما صدر عنهم من القول والفعلِ في موضع واحد.