التفاسير

< >
عرض

وَنَادَىٰ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلْكَافِرِينَ
٥٠
ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا فَٱلْيَوْمَ نَنسَـٰهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَآءَ يَوْمِهِمْ هَـٰذَا وَمَا كَانُواْ بِآيَٰتِنَا يَجْحَدُونَ
٥١
وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
٥٢
-الأعراف

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَنَادَىٰ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ أَصْحَـٰبَ ٱلْجَنَّةِ } بعد أن استقر بكل من الفريقين القرارُ واطمأنت به الدار { أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ ٱلْمَاء } أي صُبّوه، وفي دَلالةٌ على أن الجنة فوق النار { أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ } من سائر الأشربةِ ليُلائِمَ الإفاضة، أو من الأطعمة على أن الإفاضةَ عبارةٌ عن الإعطاء بكثرة { قَالُواْ } استئنافٌ مبنيٌّ على السؤال كأنه قيل: فماذا قالوا؟ فقيل: قالوا: { إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ } أي منعهما منهم منعاً كلياً فلا سبـيل إلى ذلك قطعاً { ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا } كتحريم البَحيرة والسائبةَ ونحوِهما والتصديةِ حولَ البـيت، واللهوُ صرفُ الهمِّ إلى ما لا يحسُن أن يُصْرفَ إليه، واللعبُ طلبُ الفرحِ بما لا يحسن أن يُطلب { وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا } بزخارفها العاجلةِ { فَٱلْيَوْمَ نَنسَـٰهُمْ } نفعل بهم ما يفعل الناسي بالمنسيِّ من عدم الاعتدادِ بهم وتركِهم في النار تركاً كلياً، والفاء في فاليوم فصيحةٌ وقوله تعالى: { كَمَا نَسُواْ لِقَاء يَوْمِهِمْ هَـٰذَا } في محل النصبِ على أنه نعتٌ لمصدر محذوفٍ، أي ننساهم نسياناً مثلَ نسيانِهم لقاءَ يومِهم هذا حيث لم يُخطِروه ببالهم ولم يعتدّوا له، وقولُه تعالى: { وَمَا كَانُواْ بِـئَايَـٰتِنَا يَجْحَدُونَ } عطفٌ على ما نسوا أي وكما كانوا منكرين بأنها من عند الله تعالى إنكاراً مستمراً.

{ وَلَقَدْ جِئْنَـٰهُمْ بِكِتَـٰبٍ فَصَّلْنَـٰهُ } أي بـيّنا معانيَه من العقائد والأحكامِ والمواعظ، والضميرُ للكفرة قاطبةً والمرادُ بالكتاب الجنسُ أو للمعاصِرين منهم والكتابُ هو القرآن { عَلَىٰ عِلْمٍ } حالٌ من فاعل فصلناه أي عالمين بوجه تفصيلِه حتى جاء حكيماً أو من مفعوله أي مشتملاً على علم كثير، وقرىء فضلناه أي على سائر الكتب عالمين بفضله { هُدًى وَرَحْمَةً } حال من المفعول { لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } لأنهم المغتنمون لآثاره المقتبسون من أنواره.