التفاسير

< >
عرض

وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ
٦٥
-الأعراف

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَإِلَىٰ عَادٍ } متعلقٌ بمضمر معطوفٍ على قوله تعالى: { أَرْسَلْنَا } في قصة نوح عليه السلام وهو الناصبُ لقوله تعالى: { أَخَـٰهُمْ } أي وأرسلنا إلى عاد أخاهم أي واحداً منهم في النسَب لا في الدين كقولهم: يا أخا العرب، وقيل: العاملُ فيهما الفعلُ المذكور فيما سبق وأخاهم معطوف على نوحاً والأولُ أدنى وأياً ما كان فلعل تقديمَ المجرورِ هٰهنا على المفعول الصريح للحِذار عن الإضمار قبل الذكر يرشدك إلى ذلك ما سيأتي من قوله تعالى: { وَلُوطاً } الخ، فإن قومَه لمّا لم يُعهدوا باسمٍ معروف يقتضي الحالُ ذكرَه عليه السلام مضافاً إليهم ـ كما في قصة عادٍ وثمودَ ومدينَ ـ خولف في النظم الكريم بـين قصتِه عليه السلام وبـين القصصِ الثلاثِ، وقولُه تعالى: { هُودًا } عطفُ بـيانٍ لأخاهم وهو هودُ بنُ عبدِ اللَّه بنِ رباحِ بن الخلودِ بنِ عاذِ بنِ غوصٍ بنِ إرَمَ بنِ سامِ بنِ نوحٍ عليه السلام، وقيل: هود بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح بن عم أبـي عاد وإنما جعل منهم لأنهم أفهمُ لكلامه وأعرفُ بحاله في صدقه وأمانتِه وأقربُ إلى اتباعه { قَالَ } استئنافٌ مبنيٌّ على سؤال نشأ من حكاية إرسالِه عليه السلام إليهم كأنه قيل: فماذا قال لهم؟ فقيل: قال: { يَا قَومِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ } أي وحده كما يُعرِب عنه قوله تعالى: { مَا لَكُم مّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ } فإنه استئنافٌ جارٍ مَجرى البـيانِ للعبادة المأمورِ بها. والتعليلُ لها أو للأمر بها كأنه قيل: خُصّوه بالعبادة ولا تشركوا به شيئاً إذ ليس لكم إلٰهٌ سواه. وغيرُه بالرفع صفةٌ لإلٰهٍ باعتبار محلِّه، وقرىء بالجر حملاً له على لفظه { أَفَلاَ تَتَّقُونَ } إنكارٌ واستبعادٌ لعدم اتقائِهم عذابَ الله تعالى بعد ما علموا ما حل بقوم نوحٍ، والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقامُ أي ألا تتفكرون أو أتغفُلون فلا تتقون، فالتوبـيخُ على المعطوفين معاً أو أتعلمون ذلك فلا تتقون فالتوبـيخُ على المعطوف فقط وفي سورة هودٍ [51]: { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } ولعله عليه السلام خاطبهم بكل منهما وقد اكتُفي بحكاية كلَ منهما في موطن عن حكايته في موطن آخرَ كما لم يذكر هٰهنا ما ذكر هناك من قوله تعالى: { { إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ } [هود، الآية 50] وقِسْ على ذلك حالَ بقيةِ ما ذُكر وما لم يُذكر من أجزاء القصةِ بل حالَ نظائرِه في سائر القصصِ لا سيما في المحاورات الجاريةِ في الأوقات المتعددة والله أعلم.