التفاسير

< >
عرض

وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ طَرَفَيِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ ٱلَّيْلِ إِنَّ ٱلْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيِّئَاتِ ذٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ
١١٤
وَٱصْبِرْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ
١١٥
فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ ٱلْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْفَسَادِ فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَآ أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ
١١٦
وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ
١١٧
وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ ٱلنَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ
١١٨
إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذٰلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ
١١٩
-هود

مقاتل بن سليمان

{ وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ }، يعني وأتم الصلاة، يعني ركوعها وسجودها، { طَرَفَيِ ٱلنَّهَارِ }، يعني صلاة الغداة، وصلاة الأولى، والعصر، ثم قال: { وَزُلَفاً مِّنَ ٱلْلَّيْلِ }، يعني صلاة المغرب والعشاء، { إِنَّ ٱلْحَسَنَاتِ }، يعني الصلوات الخمس { يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيِّئَاتِ }، يعني يكفرن الذنوب ما اجتنبت الكبائر، نزلت في أبى مقبل، واسمه "عامر بن قيس الأنصاري، من بني النجار، أتته امرأة تشتري منه تمراً فراودها، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إني خلوت بامرأة، فما شىء يفعل بالمرأة إلا وفعلته بها، إلا أني لم أجامعها، فنزلت: { وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ طَرَفَيِ ٱلنَّهَارِ... } إلى آخر الآية.
ثم عمد الرجل، فصلى المكتوبة وراء النبي صلى الله عليه وسلم، فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: أليس قد توضأت وصليت معنا؟، قال: بلى، قال: فإنها كفارة لما صنعت"
، ثم قال { ذٰلِكَ } الذي ذكره من الصلاة طرفي النهار وزلفى من الليل من الصلاة، { ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ } [آية: 114]، كقوله لموسى: { وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِذِكْرِيۤ } [طه: 14].
{ وَٱصْبِرْ } يا محمد على الصلاة، { فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ } [آية: 115]، يعني جزاء المخلصين.
{ فَلَوْلاَ كَانَ }، يعني لم يكن { مِنَ ٱلْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْفَسَادِ }، يعني الشرك، { فِي ٱلأَرْضِ }، يقول: لم يكن من القرون من ينهى عن المعاصي في الأرض بعد الشرك، ثم استثنى، فقال: { إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ }، يعني مع الرسل من العذاب مع الأنبياء، فهم الذين كانوا ينهون عن الفساد في الأرض، { وَٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ }، يقول: وآثر الذين ظلموا دنياهم، { مَآ أُتْرِفُواْ فِيهِ }، يعني ما أعطوا فيه من دنياهم على آخرتهم، { وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ } [آية: 116]، يعني الأمم الذين كذبوا في الدنيا.
{ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ }، يعني ليعذب في الدنيا، { ٱلْقُرَىٰ بِظُلْمٍ }، يعني على غير ذنب، يعني القرى التى ذكر الله تعالى في هذه السورة الذين عذبهم الله، وهم قوم نوح، وعاد، وثمود، وقوم إبراهيم، وقوم لوط، وقوم شعيب، ثم قال: { وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ } [آية: 117]، يعني مؤمنون، يقول: لو كانوا مؤمنين ما عذبوا.
{ وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ ٱلنَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً }، يعني على ملة الإسلام وحدها، ثم قال: { وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ } [آية: 118]، يقول: لا يزال أهل الأديان مختلفين في الدين، غير دين الإسلام.
ثم استثنى بعضهم: { إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ }، أهل التوحيد لا يختلفون في الدين، { وَلِذٰلِكَ خَلَقَهُمْ }، يعني للرحمة خلقهم، يعني الإسلام، { وَتَمَّتْ }، يقول: وحقت { كَلِمَةُ رَبِّكَ } العذاب على المختلفين، والكلمة التى تمت قوله، { لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } [آية: 119]، يعني الفريقين جميعاً.