التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّـكُمْ مِّنْ أَرْضِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ ٱلظَّالِمِينَ
١٣
وَلَنُسْكِنَنَّـكُمُ ٱلأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ذٰلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ
١٤
وَٱسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ
١٥
مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَىٰ مِن مَّآءٍ صَدِيدٍ
١٦
يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ ٱلْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ
١٧
-إبراهيم

مقاتل بن سليمان

وكان أذاهم للرسل أن قالوا: { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّـكُمْ مِّنْ أَرْضِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا }، يعني دينهم الكفر، فهذا الأذى الذي صبروا عليه، { فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ }، يعني إلى الرسل، { لَنُهْلِكَنَّ ٱلظَّالِمِينَ } [آية: 13]، يعني المشركين، في الدنيا ولننصرنكم.
يعنى { وَلَنُسْكِنَنَّـكُمُ ٱلأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ }، يعني هلاكهم، { ذٰلِكَ } الإنسان في الدنيا، { لِمَنْ خَافَ مَقَامِي }، يعني مقام ربه عز وجل في الآخرة، { وَ } لمن { وَخَافَ وَعِيدِ } [آية: 14] في الآخرة.
{ وَٱسْتَفْتَحُواْ }، يعني دعوا ربهم واستنصروا، وذلك أن الرسل أنذروا قومهم العذاب في الدنيا، فردوا عليهم: أنكم كذبة، ثم قالوا: اللهم إن كانت رسلنا صادقين فعذبنا، فذلك قوله تعالى:
{ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } [الأعراف: 70]، فذلك قوله سبحانه: { وَٱسْتَفْتَحُواْ }، يعني مشركي مكة، وفيهم أبو جهل، يعني ودعوا ربهم، يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: { وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ } [آية: 15]، يعني وخسر عند نزول العذاب كل متكبر عن توحيد الله عز وجل، نزلت في أبي جهل، { عَنِيدٍ }، يعني معرض عن الإيمان مجانباً له.
ثم قال لهذا الجبار وهو في الدنيا: { مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ }، من بعدهم، يعني من بعد موته، { وَيُسْقَىٰ مِن مَّآءٍ صَدِيدٍ } [آية: 16]، يعني خليط القيح والدم الذي يخرج من أجداف الكفار يسقى الأشقياء.
{ يَتَجَرَّعُهُ } تجرعاً، { وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ } ألبتة، نظيرها:
{ إِذَآ أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا } [النور: 40]، يقول: لا يراها البتة، { وَيَأْتِيهِ ٱلْمَوْتُ } في النار، { مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرَآئِهِ } هذا، يعني ومن بعد إحدى وعشرين ألف سنة يفتح عليهم باب يقال له: الهيهات، فتأكل ناره نار جهنم وأهلها، كما تأكل نار الدنيا القطن المندوف، ويأتيه الموت في النار من كل مكان، وما هو بميت، { وَمِن وَرَآئِهِ } { عَذَابٌ غَلِيظٌ } [آية: 17]، يعني شديد لا يفتر عنهم.