التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
١٨٣
أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ
١٨٤
-البقرة

مقاتل بن سليمان

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ }، وذلك أن لبيد الأنصاري من بني عبد الأشهل كبر فعجز عن الصوم، فقال للنبى صلى الله عليه وسلم: ما على من عجز عن الصوم، فأنزل الله عز وجل: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ }، يعنى فرض عليكم، نظيرها: { كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِتَالُ }، يعنى فرض عليكم القتال، { كَمَا كُتِبَ }، يعنى كما فرض { عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ }، يعني أهل الإِنجيل، { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [آية: 183]، يعني لكي تتقون الطعام والشراب والجماع، فمن صلى العشاء الآخرة أو نام قبل أن يصلي العشاء الآخرة، حرم عليه ما يحرم على الصائم.
وكان ذلك على الذين من قبلنا { أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ }، وهى دون الأربعين، فإذا كانت فوق الأربعين فلا يقال لهم: { مَّعْدُودَاتٍ }، { فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ }، أى ومن كان يطيق الصوم، وليس بمريض ولا مسافر، فإن شاء صام، وإن شاء أفطر، وعليه فدية { طَعَامُ مِسْكِينٍ }، لكل مسكين نصف صاع حنطة، { فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً }، فزاد على مسكين فأطعم مسكينين أو ثلاثة مكان كل يوم، { فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ } من أن يطعم مسكيناً واحداً، ثم قال: { وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ }، يعنى ولأن تصوموا خير { لَّكُمْ } من الطعام { إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } [آية: 184]، وكان المؤمنون قبل رمضان يصومون عاشوراء ولا يصومون غيره، ثم أنزل الله عز وجل صوم رمضان بعد، فنسخ الطعام، وثبت الصوم، إلا على من لا يطيق الصوم، فليفطر وليطعم مكان كل يوم مسكيناً نصف صاع حنطة.