التفاسير

< >
عرض

أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ ٱلصِّيَامِ ٱلرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَٱلآنَ بَٰشِرُوهُنَّ وَٱبْتَغُواْ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ٱلْخَيْطُ ٱلأَبْيَضُ مِنَ ٱلْخَيْطِ ٱلأَسْوَدِ مِنَ ٱلْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ ٱلصِّيَامَ إِلَى ٱلَّليْلِ وَلاَ تُبَٰشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَٰكِفُونَ فِي ٱلْمَسَٰجِدِ تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ ءَايَٰتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ
١٨٧
-البقرة

مقاتل بن سليمان

ثم قال: { أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ ٱلصِّيَامِ } رخصة للمؤمنين بعد صنيع عمر، رضى الله عنه، { ٱلرَّفَثُ }، يعنى الجماع، { إِلَىٰ نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ }، يقول: هن سكن لكم، وأنتم سكن لهن، { عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ }، يعنى عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، فى جماع امرأته، { فَتَابَ عَلَيْكُمْ }، يعني فتجاوز عنكم، { وَعَفَا عَنْكُمْ }.
قوله سبحانه: { تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ } بالمعصية، نظيرها:
{ { فَخَانَتَاهُمَا } [التحريم: 10]، فخالفتاهما، يعنى بالمعصية، وكقوله سبحانه: { { وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ } [المائدة: 13]، يعني على معصية، { وَعَفَا عَنْكُمْ }، يقول: ترككم فلم يعاقبكم، { فَٱلآنَ بَاشِرُوهُنَّ }، يعني جامعوهن من حيث أحللت لكم الجماع الليل كله، { وَٱبْتَغُواْ } من نسائكم { مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمْ } من الولد، يعني واطلبوا ما قضى لكم وأنزل فى صرمة بن أنس، { وَكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ٱلْخَيْطُ ٱلأَبْيَضُ مِنَ ٱلْخَيْطِ ٱلأَسْوَدِ }، حتى يتبين لكم وجه الصبح، يعنى بياض النهار من سواد الليل، { مِنَ ٱلْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ ٱلصِّيَامَ إِلَى ٱلَّليْلِ }، والخيط الأبيض يعني أول بياض الصبح، الضوء المعترض قبل المشرق، والخيط الأسود أول سواد الليل، { وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ }، نزلت فى على بن أبى طالب، رضى الله عنه، وعمار بن ياسر، وأبى عبيدة بن الجراح، كان أحدهم يعتكف، فإذا أراد الغائط من السحر رجع إلى أهله بالليل، فيباشر ويجامع امرأته ويغتسل ويرجع إلى المسجد، فأنزل الله عز وجل: { وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ } { وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي ٱلْمَسَاجِدِ }، يقول: لا تجامعوا النساء ليلاً ولا نهاراً مادمتم متعكفين، ثم قال عز وجل: { تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ } المباشرة تلك معصية الله، { فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ آيَاتِهِ }، يعنى أمره { لِلنَّاسِ } وأمر الاعتكاف، { لَعَلَّهُمْ }، يعنى لكى { يَتَّقُونَ } [آية: 187] المعاصى فى الاعتكاف.