التفاسير

< >
عرض

وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ
١٩٠
وَٱقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُم وَأَخْرِجُوهُمْ مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَٱلْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ ٱلْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ حَتَّىٰ يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَٱقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَآءُ ٱلْكَافِرِينَ
١٩١
فَإِنِ ٱنتَهَوْاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
١٩٢
وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ ٱلدِّينُ للَّهِ فَإِنِ ٱنْتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى ٱلظَّالِمِينَ
١٩٣
-البقرة

مقاتل بن سليمان

وقوله سبحانه: { وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ }، وذلك أن الله عز وجل نهى النبى صلى الله عليه وسلم والمؤمنين عن الشهر الحرام أن يقاتلوا فى الحرم إلا أن يبدأهم المشركون بالقتال، وأن النبى صلى الله عليه وسلم بينا هو وأصحابه معتمرون إلى مكة فى ذي القعدة، وهم محرمون عام الحديبية، والمسلمون يومئذ ألف وأربعمائة رجل، فصدهم مشركو مكة عن المسجد الحرام وبدأوهم بالقتال، فرخص الله فى القتال، فقال سبحانه: { وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ } { وَلاَ تَعْتَدُوۤاْ } فتبدأوا بقتالهم فى الشهر الحرام وفى الحرم، فإنه عدوان، { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ } [آية: 190]، ثم قال سبحانه: { وَٱقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُم }، يعنى أين أدركتموهم فى الحل والحرم، { وَأَخْرِجُوهُمْ } من مكة { مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ }، يعنى من مكة، { وَٱلْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ ٱلْقَتْلِ }، يعنى الشرك أعظم عند الله عز وجل جرماً من القتل، نظيرها: { { أَلا فِي ٱلْفِتْنَةِ سَقَطُواْ } [التوبة: 49]، يعنى فى الكفر وقعوا، فلما نزلت: { وَٱقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُم }، أنزل الله عز وجل بعد: { وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ }، يعنى أرض الحرم كله، فنسخت هذه الآية، ثم رخص لهم، { حَتَّىٰ يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ }، يعنى حتى يبدءوا بقتالكم فى الحرم، { فَإِن قَاتَلُوكُمْ } فيه، { فَٱقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَآءُ ٱلْكَافِرِينَ } [آية:191] إن بدأوا بالقتال فى الحرم أن يقاتلوا فيه.
ثم قال سبحانه: { فَإِنِ ٱنتَهَوْاْ } عن قتالكم ووحدوا ربهم، { فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ } لشركهم { رَّحِيمٌ } [آية: 192] بهم فى الإسلام، نظيرها فى الأنفال:
{ { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لله } [الأنفال: 39] إلى آخر الآية، ثم قال: { وَقَاتِلُوهُمْ } أبداً { حَتَّىٰ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ }، يقول: حتى لا يكون فيهم شرك فيوحدوا ربهم ولا يعبدوا غيره، يعني مشركي العرب خاصة، { وَيَكُونَ }، يعني ويقوم { ٱلدِّينُ للَّهِ }، فيوحدوه ولا يعبدوا غيره، { فَإِنِ ٱنْتَهَواْ } عن الشرك ووحدوا ربهم، { فَلاَ عُدْوَانَ }، يعني فلا سبيل { إِلاَّ عَلَى ٱلظَّالِمِينَ } [آية: 193] الذين لا يوحدون ربهم، نظيرها فى القصص: { { فَلاَ عُدْوَانَ عَلَيَّ } [القصص: 28]، يعنى فلا سبيل علىَّ.