التفاسير

< >
عرض

مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ
٩١
عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ فَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ
٩٢
قُل رَّبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ
٩٣
رَبِّ فَلاَ تَجْعَلْنِي فِي ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ
٩٤
وَإِنَّا عَلَىٰ أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ
٩٥
ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ٱلسَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ
٩٦
وَقُلْ رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ ٱلشَّياطِينِ
٩٧
وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ
٩٨
حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ٱرْجِعُونِ
٩٩
لَعَلِّيۤ أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَا وَمِن وَرَآئِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ
١٠٠
-المؤمنون

مقاتل بن سليمان

فى قولهم إن الملائكة بنات الله، عز وجل، يقول الله تعالى: { مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٍ } يعنى الملائكة { وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـهٍ } يعنى من شريك، فلو كان معه إله { إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } كفعل ملوك الدنيا يلتمس بعضهم قهر بعض، ثم نزه الرب نفسه، جل جلاله، عن مقاتلهم فقال تعالى: { سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ } [آية: 91] يعنى عما يقولون بأن الملائكة بنات الرحمن { عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ } يعنى غيب ما كان، وما يكون، والشهادة { فَتَعَالَىٰ } يعنى فارتفع { عَمَّا يُشْرِكُونَ } [آية: 92] لقولهم الملائكة بنات الله { قُل رَّبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ } [آية: 93] من العذاب، يعنى القتل ببدر، وذلك أن النبى صلى الله عليه وسلم أراد أن يدعو على كفار مكة، ثم قال: { رَبِّ فَلاَ تَجْعَلْنِي فِي ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } [آية: 94] { وَإِنَّا عَلَىٰ أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ } من العذاب { لَقَادِرُونَ } [آية: 95] ثم قال الله عز وجل يعزى نبيه صلى الله عليه وسلم ليصبر على الأذى: { ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ٱلسَّيِّئَةَ } نزلت فى النبى صلى الله عليه وسلم { نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ } [آية: 96] من الكذب.
ثم أمره أن يتعوذ من الشيطان، فقال تعالى: { وَقُلْ رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ ٱلشَّياطِينِ } [آية: 97] يعنى الشياطين فى أمر أبى جهل، { وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ } [آية: 98] { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ } يعنى الكفار { قَالَ رَبِّ ٱرْجِعُونِ } [آية: 99] إلى الدنيا حين يعاين ملك الموت يؤخذ بلسانه، فينظر إلى سيئاته قبل الموت، فلما هجم على الخزى سأل الرجعة إلى الدنيا ليعمل صالحاً فيما ترك، فذلك قوله سبحانه: { رَبِّ ٱرْجِعُونِ } إلى الدنيا { لَعَلِّيۤ } يعنى لكى { أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ } من العمل الصالح، يعنى الإيمان، يقول عز وجل: { كَلاَّ } لا يرد إلى الدنيا.
{ ثم استأنف فقال: { إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَا } يعنى بالكلمة قوله: { رَبِّ ٱرْجِعُونِ }، ثم قال سبحانه: { وَمِن وَرَآئِهِمْ بَرْزَخٌ } يعنى ومن بعد الموت أجل { إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } [آية: 100] يعنى يحشرون بعد الموت.