ثم أمرهم بطاعته عز وجل وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى: { قُلْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ } فيما أمرتم، { فَإِن تَوَلَّوْاْ } يعني أعرضتم عن طاعتهما، { فَإِنَّمَا عَلَيْهِ } يعني النبي صلى الله عليه وسلم { مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَّا حُمِّلْتُمْ } يقول: فإنما على محمد صلى الله عليه وسلم ما أمر من تبليغ الرسالة، وعليكم ما أمرتم من طاعتهما، ثم قال تعالى: { وَإِن تُطِيعُوهُ } يعني النبي صلى الله عليه وسلم { تَهْتَدُواْ } من الضلالة، وإن عصيتموه، فإنما على رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم البلاغ المبين، يعني ليس عليه إلا أن يبلغ ويبين { وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ } [آية: 54].
{ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } وذلك أن كفار مكة صدوا المسلمين عن العمرة عام الحديبية، فقال المسلمون: لو أن الله عز وجل فتح علينا مكة ودخلناها آمنين، فسمع الله عز وجل قولهم، فأنزل الله تبارك وتعالى: { وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ }{ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي ٱلأَرْضِ } يعني أرض مكة { كَمَا ٱسْتَخْلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } من بنى إسرائيل وغيرهم، وعدهم أن يستخلفهم بعد هلاك كفار مكة { وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ } الإسلام حتى يشيع الإسلام { ٱلَّذِي ٱرْتَضَىٰ لَهُمْ } يعني الذي رضي لهم { وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ } من كفار أهل مكة { أَمْناً } لا يخافون أحداً { يَعْبُدُونَنِي } يعني يوحدونني { لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً } من الآلهة { وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذٰلِكَ } التمكين في الأرض، { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ } [آية: 55] يعني العاصين.
{ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّـلاَةَ } يعني وأتموا الصلاة، { وَآتُواْ ٱلزَّكَـاةَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ } فيما أمركم { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } [آية: 56] يقول: لكى ترحموا، فلا تعذبوا { لاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } من أهل مكة { مُعْجِزِينَ }، يعني سابقى الله { فِي ٱلأَرْضِ } حتى يجزيهم الله عز وجل بكفرهم { وَمَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ وَلَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } [آية: 57].