التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تُجَادِلُوۤاْ أَهْلَ ٱلْكِتَابِ إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ وَقُولُوۤاْ آمَنَّا بِٱلَّذِيۤ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَـٰهُنَا وَإِلَـٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ
٤٦
وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ فَٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَـٰؤُلاۤءِ مَن يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ إِلاَّ ٱلْكَافِرونَ
٤٧
وَمَا كُنتَ تَتْلُواْ مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لاَّرْتَابَ ٱلْمُبْطِلُونَ
٤٨
بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ إِلاَّ ٱلظَّالِمُونَ
٤٩
وَقَالُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا ٱلآيَاتُ عِندَ ٱللَّهِ وَإِنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ
٥٠
أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَىٰ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
٥١
-العنكبوت

مقاتل بن سليمان

{ وَلاَ تُجَادِلُوۤاْ } يعنى النبى صلى الله عليه وسلم وحده { أَهْلَ ٱلْكِتَابِ } البتة يعنى مؤمنيهم عبد الله بن سلام وأصحابه، { إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } فيها تقديم، يقول: جادلهم قل لهم بالقرآن وأخبرهم عن القرآن، نسختها آية السيف فى براءة فقال تعالى: { قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلاَ بِٱلْيَوْمِ ٱلآخِر } [التوبة: 29] { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ وَقُولُوۤاْ } لهم يعنى ظلمة اليهود { آمَنَّا بِٱلَّذِيۤ أُنزِلَ إِلَيْنَا } يعنى القرآن { وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ } يعنى التوراة { وَ } قولوا لهم: { وَإِلَـٰهُنَا وَإِلَـٰهُكُمْ وَاحِدٌ } ربنا وربكم واحد { وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } [آية: 46] يعنى مخلصين بالتوحيد.
{ وَكَذَلِكَ } يعنى وهكذا { أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ } كما أنزلنا التوراة على أهل الكتاب، ليبين لهم عز وجل يعنى ليخبرهم، ثم ذكر مؤمنى أهل التوراة عبد الله بن سلام وأصحابه، فقال سبحانه: { فَٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ } يعنى أعطيناهم التوراة، يعنى ابن سلام وأصحابه { يُؤْمِنُونَ بِهِ } يصدقون بقرآن محمد صلى الله عليه وسلم أنه من الله عز وجل، ثم ذكر مسلمى مكة، فقال: { وَمِنْ هَـٰؤُلاۤءِ مَن يُؤْمِنُ بِهِ } يعنى يصدق بقرآن محمد صلى الله عليه وسلم أنه من الله جاء، ثم قال: { وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ } يعنى آيات القرآن بعد المعرفة، لأنهم يعلمون أن محمداً صلى الله عليه وسلم نبى، وأن القرآن حق من الله عز وجل: { إِلاَّ ٱلْكَافِرونَ } [آية: 47] من اليهود.
{ وَمَا كُنتَ } يا محمد { تَتْلُو } يعنى تقرأ { مِن قَبْلِهِ } يعنى من قبل القرآن { مِن كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ } فلو كنت يا محمد تتلوا القرآن أو تخطه، لقالت اليهود، إنما كتبه من تلقاء نفسه، و{ إِذاً لاَّرْتَابَ } يقول: وإذَّا لشك { ٱلْمُبْطِلُونَ } [آية: 48] يعنى الكاذبين، يعنى كفار اليهود إذَّا لشكوا فيك يا محمد، إذا لقالوا: إن الذى نجد فى التوراة نعته، هو أمى لا يقرأ الكتاب ولا يخطه بيده.
ثم ذكر مؤمنى أهل التوراة، فقال: { بَلْ هُوَ } يا محمد { آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ } يعنى علامات واضحات بأنه أمى لا يقرأ الكتاب ولا يخطه بيده، { فِي صُدُورِ } يعنى فى قلوب { ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ } بالتوراة، يعنى عبد الله بن سلام وأصحابه، ثم قال عز وجل: { وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ } يعنى ببعث محمد صلى الله عليه وسلم فى التوراة بأنه أمى لا يقرأ الكتاب، ولا يخطه بيده، وهو مكتوب فى التوراة، فكتموا أمره وجحدوا، فذلك قوله عز وجل: { وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ } يعنى ببعث محمد صلى الله عليه وسلم فى التوراة { إِلاَّ ٱلظَّالِمُونَ } [آية: 49] يعنى كفار اليهود.
{ وَقَالُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ } قال كفار مكة: هلا أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم آيات من ربه إلينا، كما كان تجئ إلىقومهم، فأوحى الله تبارك وتعالى إلى النبى صلى الله عليه وسلم، قال: { قُلْ } لهم { إِنَّمَا ٱلآيَاتُ عِندَ ٱللَّهِ } فإذا شاء أرسلها وليست بيدى، { وَإِنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } [آية: 50].
فلما سألوه الآية، قال الله تعالى: { أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ } بالآية من القرآن { أَنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ } فيه خبر ما قبلهم، وما بعدهم، { إِنَّ فِي ذٰلِكَ } يعنى عز وجل فى القرآن { لَرَحْمَةً } لمن آمن به وعمل به، { وَذِكْرَىٰ } يعنى وتذكرة { لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [آية: 51] يعنى يصدقون بالقرآن أنه من الله عز وجل، فكذبوا بالقرآن فنزل: