التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ ٱلْبَغْضَآءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ
١١٨
هَآأَنْتُمْ أُوْلاۤءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِٱلْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوۤاْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ ٱلأَنَامِلَ مِنَ ٱلْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ
١١٩
إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ
١٢٠
-آل عمران

مقاتل بن سليمان

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ }، يعنى المنافقين عبد الله بن أبى، ومالك بن دخشم الأنصارى وأصحابه، دعاهم اليهود إلى دينهم، منهم: إصبغ ورافع ابنى حرملة، وهما رءوس اليهود، فزينوا لهما ترك الإسلام، حتى أرادوا أن يظهروا الكفر، فأنزل الله عز وجل يحذرهما ولاية اليهود، { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } { لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً }، يعنى اليهود، { مِّن دُونِكُمْ }، يعنى من دون المؤمنين، { لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً }، يعنى غياً، { وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ }، يعنى ما أثمتم لدينكم فى دينكم، { قَدْ بَدَتِ ٱلْبَغْضَآءُ }، يعنى ظهرت البغضاء، { مِنْ أَفْوَاهِهِمْ }، يعنى قد ظهرت العداوة بألسنتهم، { وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ }، يعنى ما تسر قلوبهم من الغش، { أَكْبَرُ } مما بدت بألسنتهم، { قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ }، يقول: ففى هذا بيان لكم منهم، { إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ } [آية: 118].
ثم قال سبحانه: { هَآأَنْتُمْ } معشر المؤمنين { أُوْلاۤءِ تُحِبُّونَهُمْ } تحبون هؤلاء اليهود فى التقديم لما أظهروا من الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به، { وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ }؛ لأنهم ليسوا على دينكم، { وَتُؤْمِنُونَ بِٱلْكِتَابِ كُلِّهِ }، كتاب محمد صلى الله عليه وسلم والكتب كلها التى كانت قبله، { وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوۤاْ آمَنَّا }، يعنى صدقنا بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به، وهم كذبة، يعنى اليهود، مثلها فى المائدة:
{ وَإِذَا جَآءُوكُمْ قَالُوۤاْ آمَنَّا وَقَدْ دَّخَلُواْ بِٱلْكُفْرِ... } [المائدة: 61] إلى آخر الآية، ثم قال: { وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ ٱلأَنَامِلَ }، يعنى أطراف الأصابع، { مِنَ ٱلْغَيْظِ } الذى فى قلوبهم، ودوا لو وجدوا ريحاً يركبونكم بالعداوة، { قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ }، يعنى اليهود، { إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } [آية: 119]، يعنى يعلم ما فى قلوبهم من العداوة والغش للمؤمنين.
ثم أخبر عن اليهود، فقال سبحانه: { إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ }، يعنى الفتح والغنيمة يوم بدر، { تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ }، القتل والهزيمة يوم أحُد، { يَفْرَحُواْ بِهَا }، ثم قال للمؤمنين: { وَإِن تَصْبِرُواْ } على أمر الله، { وَتَتَّقُواْ } معاصيه { لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً }، يعنى قولهم: { إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ } [آية: 120]، أحاط علمه بأعمالهم.