التفاسير

< >
عرض

يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
٢٠٠
-آل عمران

مقاتل بن سليمان

{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱصْبِرُواْ } على أمر الله عز وجل وفرائضه، { وَصَابِرُواْ } مع النبى صلى الله عليه وسلم فى المواطن، { وَرَابِطُواْ } العدو فى سبيل الله حتى يدعوا دينهم لدينكم، { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } ولا تعصوا، ومن يفعل ذلك فقد أفلح، فذلك قوله: { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [آية: 200].
قال: حدثنا عبدالله بن ثابت، قال: حدثنى أبى، قال: حدثنى الهذيل، قال: سمعت أبا يوسف يحدث عن الكلبى، عن أبى صالح، عن ابن عباس، رضى الله عنه، قال: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل نجران:
"هذا ما كتب محمد لأهل نجران فى كل ثمرة، وكل صفراء وبيضاء وسوداء ورقيق، فأفضل عليهم وترك ذلك كله على ألفى حلة من حلل الألوان، فى كل صفر ألف حلة، كل حلة أوقية، وفى كل رجب ألف حلة، كل حلة أوقية، فما زاد من حلل الخراج على الأواق فبحسابه، وما قصر من درع، أو حلة، أو خيل، أو ركاب، أو عرض، أخذ منهم بحسابه، وعلى نجران مثوبة رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرين ليلة، ولا تحبس رسولى فوق شهر، وعليهم عارية ثلاثين درعاً، وثلاثين فرساً، وثلاثين بعيراً، إذا كان كبد باليمن ذو معذرة، ولنجران وحاشيتها جوار الله عز وجل، وذمة محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم على أنفسهم، ومالهم، وأرضهم، وأموالهم، وغائبهم، وشاهدهم، وتابعهم، ولا يغير ما كانوا عليه، ولا يغير حق من حقوقهم، ولا ملة من مللهم، ولا يغير أسقف عن أسقفيته، ولا راهب عن رهبانيته، وعلى ما تحت أيديهم من قليل وكثير، وليس عليهم ربا ولا دم جاهلية، ولا يحسرون، ولا يعشرون، ولا يطأ أرضهم حاشر، ومن سأل فيهم حقاً أنصف، غير ظالمين ولا مظلومين، ومن أكل ربا من ذى قبل، فذمتى منه بريئة، ولا يؤخذ رجل منهم بطلب آخر، وكل ما كان فى هذه الصحيفة جوار الله عز وجل، وذمة محمد صلى الله عليه وسلم حتى يأتى الله بأمره ما نصحوا وأصلحوا فيما لهم وعليهم غير متغلبين بظلم" .
شهد أبو سفيان بن حرب، وغيلان بن عمرو، ومالك بن عوف النضرى، والأقرع ابن حابس، والمغيرة، وكتب على بن أبى طالب، وزعم أن أبا بكر، رضى الله عنه، كتب لهم كتاباً من كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: حدثنا عبدالله، قال: حدثنى أبى، قال: حدثنا الهذيل: سمعت المسيب والضرير يحدثان عن الأعمش، عن سالم بن أبى الجعد، قال: لو كان عليّاً طاعناً على عمر بن الخطاب، رضى الله عنهما، لطعن عليه حين جاء أهل نجران ومعهم قطعة أيدم فيه كتاب عليه خاتم النبى صلى الله عليه وسلم، فقالوا لعلى، عليه السلام: ننشدك الله كتابك بيدك، وشفاعتك بلسانك، ألا ما رددتنا إلى نجران، فقال على، رضى الله عنه: دعونى، فإن عمر، رضى الله عنه، كان رشيد الأمر.
قال الأعمش: فسألت سالماً: كيف كان إخراج عمر، رضى الله عنه، إياهم؟ قال: كثروا حتى صاروا أربعين ألف مقاتل، فخاف المسلمون أن يميلوا عليهم، فوقع بينهم شر، فجاءوا إلى عمر، رضى الله عنه، فقالوا: قد فسد الذى بيننا، فذهبوا، فاغتنمها عمر، رضى الله عنه، ثم جاءوا إليه، فقالوا: قد اصطلحنا فأقلنا، فقال: لا والله لا أقيلكم أبداً، فأخرج فرقة إلى الشام، وفرقة إلى العراق، وفرقة إلى أرض أخرى.
قال: حدثنا عبيد الله بن ثابت، قال: حدثنى أبى، قال: حدثنا الهذيل فى قوله عز وجل:
{ لَتُبْلَوُنَّ فِيۤ أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُوۤاْ أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذٰلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } [آل عمران: 186]، فيها تقديم، ولم أسمع مقاتل.