فبلغ أمر الحارث الأحد عشر الذين بمكة، فقالوا: نقيم بمكة ما أقمنا ونتربص بمحمد الموت، فإذا أردنا المدينة فسينزل فينا ما نزل فى الحارث ويقبل منا ما يقبل منه، فأنزل الله عز وجل فيهم: { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْراً }، قالوا: نقيم بمكة كفاراً، فإذا أردنا المدينة، فسينزل فينا كما نزل فى الحارث، { لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلضَّآلُّونَ } [آية: 90].
ثم أخبرهم عنهم وعن الكفار وما لهم فى الآخرة، فقال عز وجل: { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ }، فيود أحدهم أن يكون له ملء الأرض ذهباً، يقدر على أن يفتدى به نفسه من العذاب لافتدى به، { فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ ٱلأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ ٱفْتَدَىٰ بِهِ } ما قبل منه، { أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }، وله عذاب، وجميع نظيرها فى المائدة، { وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ } [آية: 91]، يعنى من مانعين يمنعونهم من العذاب، قوله سبحانه: { لَن تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ حَتَّىٰ تُنْفِقُواْ }، يقول: لن تستكملوا التقوى حتى تنفقوا فى الصدقة { مِمَّا تُحِبُّونَ } من الأموال، { وَمَا تُنْفِقُواْ مِن شَيْءٍ }، يعنى من صدقة، { فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ } [آية: 92]، يعنى عالم به، يعنى بنياتكم.