قوله سبحانه: { فَبِظُلْمٍ مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ }، يعنى اليهود، { حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ }، يعنى فى الأنعام، يعنى اللحوم والشحوم وكل ذى ظفر لهم حلال، فحرمها الله عز وجل عليهم بعد موسى، { وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ كَثِيراً } [آية: 160]، فيها إضمار، يقول: { وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ كَثِيراً }، يعنى دين الإسلام، وعن محمد صلى الله عليه وسلم، { وَأَخْذِهِمُ ٱلرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ ٱلنَّاسِ بِٱلْبَاطِلِ }، وهو محرم بغير حق، { وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ }، يعنى اليهود { عَذَاباً أَلِيماً } [آية: 161]، يعنى وجيعاً، فهذا الظلم الذى ذكره فى هذه الآية.
ثم ذكر مؤمنى أهل التوراة، فقال سبحانه: { لَّـٰكِنِ ٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ مِنْهُمْ }، وذلك أن عبدالله بن سلام وأصحابه، قالوا للنبى صلى الله عليه وسلم: إن اليهود لتعلم أن الذى جئت به حق، وأنك لمكتوب عندهم فى التوراة، فقالت اليهود: ليس كما تقولون، وإنهم لا يعلمون شيئاً، وإنهم ليغرونك ويحدثونك بالباطل، فقال الله عز وجل: { لَّـٰكِنِ ٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ مِنْهُمْ }، يعنى المتدارسين علم التوراة، يعنى ابن سلام وأصحابه، { مِنْهُمْ }، يعنى من اليهود، { وَٱلْمُؤْمِنُونَ }، يعنى أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم من غير أهل الكتاب، { يُؤْمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيكَ } من القرآن، { وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ } من الكتب على الأنبياء: التوراة والإنجيل.
ثم نعتهم، فقال سبحانه: { وَٱلْمُقِيمِينَ ٱلصَّلاَةَ وَٱلْمُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ }، يعنى المعطون الزكاة، { وَٱلْمُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } أنه واحد لا شريك له، والبعث الذى فيه جزاء الأعمال، { أُوْلَـۤئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً }، يعنى جزاء { عَظِيماً } [آية: 162].