التفاسير

< >
عرض

أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُواْ لَهُمْ مِّنَ ٱلدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ ٱللَّهُ وَلَوْلاَ كَلِمَةُ ٱلْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ ٱلظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
٢١
تَرَى ٱلظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُواْ وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ ٱلْجَنَّاتِ لَهُمْ مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْكَبِيرُ
٢٢
ذَلِكَ ٱلَّذِي يُبَشِّرُ ٱللَّهُ عِبَادَهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِي ٱلْقُرْبَىٰ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ
٢٣
أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً فَإِن يَشَإِ ٱللَّهُ يَخْتِمْ عَلَىٰ قَلْبِكَ وَيَمْحُ ٱللَّهُ ٱلْبَاطِلَ وَيُحِقُّ ٱلْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ
٢٤
وَهُوَ ٱلَّذِي يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُواْ عَنِ ٱلسَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ
٢٥
وَيَسْتَجِيبُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ وَٱلْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ
٢٦
-الشورى

مقاتل بن سليمان

قوله: { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُواْ }، يقول: سنوا، { لَهُمْ مِّنَ ٱلدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ ٱللَّهُ }، يعنى كفار مكة، يقول: ألهم آلهة يبينوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله، ثم قال: { وَلَوْلاَ كَلِمَةُ ٱلْفَصْلِ } التى سبقت من الله فى الآخرة أنه معذبهم، يقول: لولا ذلك الأجل، { لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ }، يقول: لنزل بهم العذاب فى الدينا، { وَإِنَّ ٱلظَّالِمِينَ }، يعنى المشركين، { لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [آية: 21] يعنى وجيع.
ثم أخبر بمستقر المؤمنين والكافرين فى الآخرة، فقال: { تَرَى ٱلظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُواْ } من الشرك، { وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ }، يعنى العذاب، فى التقديم، ثم قال: { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ ٱلْجَنَّاتِ }، يعنى بساتين الجنة، { لَهُمْ مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ } الذى ذكر من الجنة، { هُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْكَبِيرُ } [آية: 22].
ثم قال: { ذَلِكَ ٱلَّذِي }، ذكر من الجنة، { يُبَشِّرُ ٱللَّهُ عِبَادَهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ }، يعنى صدقوا، { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ }، من الأعمال، { قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً }، يعنى على الإيمان جزاء، { إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِي ٱلْقُرْبَىٰ }، يقول: إلا أن تصلوا قرابتى، وتتبعونى، وتكفوا عنى الأذى، ثم نسختها:
{ قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّن أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ } [سبأ: 47]، قوله: { وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً }، يقول: ومن يكتسب حسنة واحدة، { نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً }، يقول: نضاعف له الحسنة الواحدة، عشراً فصاعداً، { إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ }، لذنوب هؤلاء، { شَكُورٌ } [آية: 23]، لمحاسنهم القليلة، حين يضاعف الواحدة عشراً فصاعداً.
قوله: { أَمْ يَقُولُونَ } كفار مكة إن محمداً، { ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً }، حين زعم أن القرآن من عند الله، فشق على النبى صلى الله عليه وسلم تكذيبهم أياه، يقول الله تعالى: { فَإِن يَشَإِ ٱللَّهُ يَخْتِمْ عَلَىٰ قَلْبِكَ }، يقول: يربط على قلبك، فلا يدخل فى قلبك المشقة من قولهم بأن محمداً كذاب مفتر، { وَيَمْحُ ٱللَّهُ } إن شاء { ٱلْبَاطِلَ } الذى يقولون أنك كذاب مفتر، من قلبك، { وَيُحِقُّ } الله { ٱلْحَقَّ }،وهو الإسلام، { بِكَلِمَاتِهِ }، يعنى القرآن الذى أنزل عليه، { إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } [آية: 24]، يعنى القلوب، يعلم ما فى قلب محمد صلى الله عليه وسلم من الحزن من قولهم بتكذيبهم أياه.
قوله: { وَهُوَ ٱلَّذِي يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُواْ عَنِ ٱلسَّيِّئَاتِ }، يقول: ويتجاوز عن الشرك الذى تابوا، { وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ } [آية: 25] من خير أو شر.
{ وَيَسْتَجِيبُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ وَٱلْكَافِرُونَ } من أهل مكة، { لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ } [آية: 26]، لا يفتر عنهم.