التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ ٱلْمَلاۤئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ ٱلْمَوْتَىٰ وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُوۤاْ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ
١١١
وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَٰطِينَ ٱلإِنْسِ وَٱلْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ ٱلْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ
١١٢
وَلِتَصْغَىۤ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ
١١٣
أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ ٱلْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِٱلْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ
١١٤
-الأنعام

مقاتل بن سليمان

ثم أخبر عما علمه فيهم، فقال: { وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ ٱلْمَلاۤئِكَةَ }، وأخبروهم أن محمداً رسول كما سألوا، لقولهم في الفرقان: { { لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْنَا ٱلْمَلاَئِكَةُ } [الفرقان: 21]، يعني المستهزئين من قريش، أبا جهل وأصحابه، ثم قال: { وَكَلَّمَهُمُ ٱلْمَوْتَىٰ }، لقولهم: ابعث لنا رجلين أو ثلاثة من آبائنا، فنسألهم عما أمامهم مما تحدثنا أنه يكون بعد الموت أحق هو؟ ثم قال: { وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً }، يعني عياناً، قال أبو محمد: ومن قرأه: "قَبلا"، أراد قبيلاً قبيلاً، رواه عن ثعلب، فعاينوه كله، فلو فعلت هذا كله، فأخبروهم بأن الذي يقول محمد حق، { مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُوۤاْ }، يعني ليصدقوا، { إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ } لهم الإيمان، { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ } أكثر أهل مكة { يَجْهَلُونَ } [آية: 111].
ثم قال: { وَكَذَلِكَ }، يعني وهكذا، { جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً } من قومه، يعني أبا جهل عدواً للنبي صلى الله عليه وسلم، كقولهم في الفرقان:
{ { وَقَالُواْ مَالِ هَـٰذَا ٱلرَّسُولِ... } [الفرقان: 7] إلى آخر الآية، قوله: { شَيَاطِينَ ٱلإِنْسِ وَٱلْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ }، وذلك أن إبليس وكل شياطين بالإنس يضلونهم، ووكل شياطين بالجن يضلونهم، فإذا التقى شيطان الإنس مع شيطان الجن، قال أحدهما لصاحبه: إنى أضللت صاحبي بكذا وكذا، فأضلل أنت صاحبك بكذا وكذا، فذلك قوله: { يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ }، يقول: يزين بعضهم { زُخْرُفَ ٱلْقَوْلِ غُرُوراً }، يقول: ذلك التزيين بالقول باطل، يغرون به الإنس والجن، ثم قال: { وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ }، يقول: لو شاء الله لمنعهم عن ذلك، ثم قال للنبي صلى الله عليه وسلم: { فَذَرْهُمْ }، يعني خل عنهم، يعني كفار مكة، { وَمَا يَفْتَرُونَ } [آية: 112] من الكذب.
{ وَلِتَصْغَيۤ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ }، يعني ولتميل إلى ذلك الزخرف والغرور قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة، يعني الذين لا يصدقون بالبعث الذي فيه جزاء الأعمال، { وَلِيَرْضَوْهُ }، يعني وليحبوه، { وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ } [آية: 113]، يعني ليعملوا من المعاصي ما هم عاملون.
{ أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً }، فليس أحد أحسن قضاء من الله في نزول العذاب ببدر، { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ ٱلْكِتَابَ مُفَصَّلاً }، يعني القرآن حلاله وحرامه، وكل شيء مفصلاً، يعني مبيناً فيه أمره ونهيه، { وَٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِٱلْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ } [آية: 114].