التفاسير

< >
عرض

قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَآ أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ ٱللَّهِ بِهِ فَمَنِ ٱضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
١٤٥
وَعَلَى ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ ٱلْبَقَرِ وَٱلْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَآ إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ ٱلْحَوَايَآ أَوْ مَا ٱخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذٰلِكَ جَزَيْنَٰهُم بِبَغْيِهِمْ وِإِنَّا لَصَٰدِقُونَ
١٤٦
فَإِن كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ ٱلْقَوْمِ ٱلْمُجْرِمِينَ
١٤٧
-الأنعام

مقاتل بن سليمان

قالوا يا محمد، فمن أين حرمه آباؤنا؟ فأوحى الله إلى نبيه صلى الله عليه وسلم: { قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَآ أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ }، يعني على أكل يأكله، { إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً }، يعني يسيل، { أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ }، يعني إثماً، { أَوْ فِسْقاً }، يعني معصية، { أُهِلَّ لِغَيْرِ ٱللَّهِ بِهِ }، يعني ذبح لغير الله، { فَمَنِ ٱضْطُرَّ } إلى شيء مما حرمت عليه، { غَيْرَ بَاغٍ } ليستحله في دينه، { وَلاَ عَادٍ }، يعني ولا معتدياً لم يضطر إليه فأكله، { فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ } لأكله الحرام، { رَّحِيمٌ } [آية: 145] به إذا رخص له في الحرام في الاضطرار.
ثم بين ما حرم على اليهود، فقال: { وَعَلَى ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ }، يعني الإبل، والنعامة، والوز، والبط، وكل شىء له خف وظفر من الدواب والطير، فهو عليهم حرام، { وَمِنَ ٱلْبَقَرِ وَٱلْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَآ }، وحرم عليهم الشحوم من البقر والغنم، ثم استثنى ما أحل لهم من الشحوم، فقال: { إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا }، يعني ظهور البقر والغنم والأكتاف والإلية، { أَوِ ٱلْحَوَايَآ }، يعني المعى، { أَوْ مَا ٱخْتَلَطَ } من الشحم { بِعَظْمٍ }، فكل هذا حلال لهم، وحرم عليهم شحوم الكليتين والثروب، { ذٰلِكَ } التحريم، { جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ }، يعني عقوبة بقتلهم الأنبياء وبصدهم عن سبيل الله، وبأكلهم الربا، واستحلالهم أموال الناس بالباطل، فهذا البغى، { وِإِنَّا لَصَادِقُونَ } [آية: 146] بذلك، وهذا ما أوحى الله إلى نبيه صلى الله عليه وسلم أنه محرم، منه على المسلمين، ومنه على اليهود.
فقال كفار العرب للنبي صلى الله عليه وسلم: فإنك لم تصب، يقول الله: { فَإِن كَذَّبُوكَ } بما تقول من التحريم، { فَقُلْ } لكفار مكة، { رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ } ملأت رحمته كل شيء، لا يعجل عليكم بالعقوبة، { وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُهُ }، يقول: عذابه إذا جاء الوقت على من كذب بما يقول، { عَنِ ٱلْقَوْمِ ٱلْمُجْرِمِينَ } [آية: 147]، يعني كفار العرب.