ثم ذكر إيمان المؤمنين، فقال: { إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ ٱلَّذِينَ يَسْمَعُونَ } الهدى، يعنى القرآن، ثم قال: { وَٱلْمَوْتَىٰ يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهُ }، يعنى كفار مكة يبعثهم الله فى الآخرة، { ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ } [آية: 36]، يعنى يردون فيجزيهم. { وَقَالُواْ لَوْلاَ }، يعنى هلا { نُزِّلَ عَلَيْهِ } محمد كما أنزل على الأنبياء { آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ } للكفار، { قُلْ إِنَّ ٱللَّهَ قَادِرٌ عَلَىٰ أَن يُنَزِّلَ آيَةً وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } [آية: 37] بأن الله قادر على أن ينزلها.
{ وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ }، ولا فى بر، ولا فى بحر، { وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ }، يعنى خلقاً أصنافاً مصنفة تعرف بأسمائهم، { مَّا فَرَّطْنَا فِي ٱلكِتَابِ }، يعنى ما ضيعنا فى اللوح المحفوظ، { مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ } [آية: 38] فى الآخرة، ثم يصيرون من بعد ما يقتص بعضهم من بعض تراباً، يقال لهم: كونوا تراباً.
{ وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا }، يعنى القرآن، { صُمٌّ } لا يسمعون الهدى، { وَبُكْمٌ } لا يتكلمون به، { فِي ٱلظُّلُمَاتِ }، يعنى الشرك، { مَن يَشَإِ ٱللَّهُ يُضْلِلْهُ } عن الهدى، نزلت فى بنى عبد الدار بن قصى، { وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [آية: 39]، يعنى على دين الإسلام، منهم: على بن أبى طالب، والعباس، وحمزة، وجعفر.
ثم خوفهم، فقال للنبى صلى الله عليه وسلم: { قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ ٱللَّهِ } فى الدنيا كما أتى الأمم الخالية، { أَوْ أَتَتْكُمْ ٱلسَّاعَةُ }، ثم رجع إلى عذاب الدنيا، فقال: { أَغَيْرَ ٱللَّهِ } من الآلهة، { تَدْعُونَ } أن يكشف عنكم العذاب فى الدنيا، { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } [آية: 40] بأنه معه آلهة.
ثم رجع إلى نفسه، فقال: { بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَآءَ وَتَنسَوْنَ }، يعنى وتتركون { مَا تُشْرِكُونَ } [آية: 41] بالله من الآلهة، فلا تدعونهم أن يكشفوا عنكم ولكنكم تدعون الله، { وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ } الرسل { إِلَىٰ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ }، فكذب بهم قومهم كما كذب بك كفار مكة، { فَأَخَذْنَاهُمْ بِٱلْبَأْسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ لَعَلَّهُمْ } لكى { يَتَضَرَّعُونَ } [آية: 42] إلى ربهم فيتوبون إليه.