التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱللَّهَ فَالِقُ ٱلْحَبِّ وَٱلنَّوَىٰ يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ ٱلْمَيِّتِ مِنَ ٱلْحَيِّ ذٰلِكُمُ ٱللَّهُ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ
٩٥
فَالِقُ ٱلإِصْبَاحِ وَجَعَلَ ٱلْلَّيْلَ سَكَناً وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ حُسْبَاناً ذٰلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ
٩٦
وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلنُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَٰتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا ٱلآيَٰتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ
٩٧
وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَٰحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا ٱلآيَٰتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ
٩٨
وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُّتَرَاكِباً وَمِنَ ٱلنَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّٰتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَٰبِهٍ ٱنْظُرُوۤاْ إِلِىٰ ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذٰلِكُمْ لأَيَٰتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
٩٩
-الأنعام

مقاتل بن سليمان

{ إِنَّ ٱللَّهَ فَالِقُ ٱلْحَبِّ }، يعني خالق الحب، يعني البر، والشعير، والذرة، والحبوب كلها، ثم قال: { وَٱلنَّوَىٰ }، يعني كل ثمرة لها نوى: الخوخ، والنبق، والمشمش، والعنب، والإجاص، وكل ما كان من الثمار له نوى، ثم قال: { يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ }، يقول: أخرج الناس والدواب من النطف وهي ميتة، ويخرج الطير كلها من البيضة وهي ميتة، ثم قال: { وَمُخْرِجُ ٱلْمَيِّتِ مِنَ ٱلْحَيِّ }، يعني النطف والبيض من الحي، يعني الحيوانات كلها، { ذٰلِكُمُ ٱللَّهُ } الذى ذكر في هذه الآية من صنعه وحده يدل على توحيده بصنعه، ثم قال: { فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ } [آية: 95]، يقول: أنى يكذبون بأن الله وحده لا شريك له.
ثم ذكر أيضاً في هذه من صنعه ليدل على توحيده بصنعه، فقال: { فَالِقُ ٱلإِصْبَاحِ }، يعني خالق النهار من حين يبدوا أوله، { وَجَعَلَ ٱلْلَّيْلَ سَكَناً } لخلقه يسكنون فيه لراحة أجسادهم، { وَ } جعل { وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ حُسْبَاناً }، يقول: جعلهما في مسيرهما كالحسبان في الفلك، يقول: لتعلموا عدد السنين والحساب، وذلك أن الله قدر لهما منازلهما في السماء الدنيا، فذلك قوله: { ذٰلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ } في ملكه يصنع ما أراد، { ٱلْعَلِيمِ } [آية: 96] بما قدر من خلقه، نظيرها في يونس.
ثم قال: { وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلنُّجُومَ } نوراً، { لِتَهْتَدُواْ بِهَا } بالكواكب ليلاً، يقول: لتعرفوا الطريق إذا سرتم، { فِي ظُلُمَاتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } [آية: 97] بأن الله واحد لا شريك له، ثم أخبر عن صنعه، فقال: { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ }، يعني خلقكم من نفس واحدة، يعني آدم وحده، { فَمُسْتَقَرٌّ } في أرحام النساء، { وَمُسْتَوْدَعٌ } في أصلاب الرجال مما لم يخلقه وهو خالقه، { قَدْ فَصَّلْنَا ٱلآيَاتِ }، يعني قد بينا الآيات، { لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ } [آية: 98] عن الله عز وجل.
ثم أخبر عن صنعه ليعرف توحيده، فقال: { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً }، يعني المطر، { فَأَخْرَجْنَا بِهِ }، يعني بالمطر، { نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ }، يعني الثمار والحبوب وألوان النبات، { فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً }، يعني أول النبات، { نُّخْرِجُ مِنْهُ }، يعني من الماء، { حَبّاً مُّتَرَاكِباً }، يعني السنبل قد ركب بعضه بعضاً، { وَ } أخرجنا بالماء { وَمِنَ ٱلنَّخْلِ مِن طَلْعِهَا }، يعني من ثمرها، { قِنْوَانٌ }، يعني قصار النخل، { دَانِيَةٌ }، يعني ملتصقة بالأرض تجنى باليد، { وَ } أخرجنا بالماء { وَجَنَّاتٍ }، يعني البساتين، ثم نعت البساتين، فقال: { مِّنْ } نخيل و { أَعْنَابٍ وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً }، ورقها في المنظر يشبه ورق الزيتون وورق الرمان، ثم قال: { وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ } في اللون مختلف في الطعم، { ٱنْظُرُوۤاْ إِلِىٰ ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ } حين يبدو غضاً أوله صيصاً، { وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذٰلِكُمْ }، يعني إن في هذا الذى ذكر من صنعه وعجائبه لعبرة، { لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [آية: 99]، يعني يصدقون بالتوحيد.