التفاسير

< >
عرض

الۤر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ
١
ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَوَيْلٌ لِّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ
٢
ٱلَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا عَلَى ٱلآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً أُوْلَـٰئِكَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ
٣
وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ ٱللَّهُ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
٤
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَآ أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ ٱللَّهِ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ
٥
وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُمْ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِي ذٰلِكُمْ بَلاۤءٌ مِّن رَّبَّكُمْ عَظِيمٌ
٦
وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ
٧
وَقَالَ مُوسَىۤ إِن تَكْفُرُوۤاْ أَنتُمْ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ
٨
-إبراهيم

الكشف والبيان

{ الۤر } ابتدأ { كِتَابٌ } خبره وإن قلت هذا كتاب { أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ } يا محمد يعني القرآن { لِتُخْرِجَ ٱلنَّاسَ } لتدعوهم [إليه] { مِنَ ٱلظُّلُمَاتِ } الضلالة والجهالة { إِلَى ٱلنُّورِ } العلم والإيمان { بِإِذْنِ رَبِّهِمْ } بتوفيق ربهم إياهم ولطفه بهم { إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ * ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ }.
قرأ أهل المدينة والشام: الله، برفع الهاء على الاستئناف وخبره: «الذي» وقرأ الآخرون: بالخفض نعتاً للعزيز الحميد.
وقال أبو عمر: بالخفض على التقديم والتأخير، مجازه: إلى صراط الله العزيز الحميد الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض. كقول القائل مررت بالظريف عبد الله

لو كنت ذانبل وذا شريبماخفت شدات الخبيث الذيب

وكان يعقوب بن إسحاق الحضرمي إذا وقف على الحميد رفع قوله { ٱللَّهِ } وإذا وصل خفض على النعت { وَوَيْلٌ لِّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ * ٱلَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ } يختارون الحياة الدنيا { وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } ويضربون ويميلون الناس عن دين الله { وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً } ويطلبونها زيغاً وقيلا، والعوج بكسر العين في الدين والأمر والأرض كلا لم يكن قائماً.
والعوج بفتح العين في كل ما كان قائماً كالحائط والرمح ونحوهما { أُوْلَـٰئِكَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ * وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ } بلغتهم ليفهموا لبنية، بيانه قوله { لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ ٱللَّهُ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ * وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَآ أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ } بالدعوة { وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ ٱللَّهِ }.
قال ابن عباس وأُبي بن كعب ومجاهد وقتادة: بنعم الله.
قال مقاتل: بوقائع الله في الأُمم السالفة وما كان في أيام الله الخالية من النقمة والمحنة فاجتزأ بذكر الأيام عنه؛ لأنها كانت معلومة عندهم.
{ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ }.
قال أهل المعاني: أراد لكل مؤمن؛ لأن الصبر والشكر من خصال المؤمنين وأفعالهم إلى قوله تعالى { وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ }.
قال الفراء: العلّة الجالبة لهذه الواو إن الله تعالى أخبرهم إن آل فرعون كانوا يعذبونهم بأنواع من العذاب غير الذبح والتذبيح وإن طرح الواو في قوله ويذبحون ويقتلون فإنه أراد تفسير صفات العذاب الذي كانوا يسومونهم { وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ } يتركونهن حبالى لأنفسهنّ ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم:
"اقتلوا شيوخ المشركين واستحيوا شرخهم" أي دعوا شبانهم أحياء { وَفِي ذٰلِكُمْ بَلاۤءٌ مِّن رَّبَّكُمْ عَظِيمٌ * وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ } أي أعلم ودليله قراءة عبد الله بن مسعود وإذ قال ربكم به وأذن ويأذن بمعنى واحد مثل أوعد وتوعد.
{ لَئِن شَكَرْتُمْ } نعمتي وآمنتم وأطعتم { لأَزِيدَنَّكُمْ } في النعمة قال ابن عيينة: الشكر بقاء النعمة ومن الزيادة ومرضاة المؤمن، وقيل الشكر قيد للموجود وقيد للمفقود.
{ وَلَئِن كَفَرْتُمْ } نعمتي فصددتموها ولم تشكروها.
{ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } إلى قوله { فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ } عن خلقه { حَمِيدٌ } محمود في أفعاله لأنه فيها سيفصل أو يعدل.