{ وَٱذْكُرْ عِبَادَنَآ } قرأه العامة: بالألف.
وقرأ ابن كثير: (عبدنا) على الواحد، وهي قراءة ابن عبّاس.
أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن يوسف الفقيه قال: أخبرنا أحمد بن محمّد بن يحيى ابن بلال قال: حدثنا يحيى بن الربيع المكي قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن عمر بن عطاء عن ابن عبّاس أنه كان يقرأ: { وَٱذْكُرْ عِبَادَنَآ إِبْرَاهِيم } ويقول: إنما [ذكر] إبراهيم ثم ولده بعده { وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي ٱلأَيْدِي } ذوي القوة في العبادة { وَٱلأَبْصَارِ } التبصر في العلم والدين { إِنَّآ أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى ٱلدَّارِ }.
قرأ أهل المدينة مضافاً وهي رواية هشام عن الشام.
وقرأ الآخرون: بالتنوين على البدل { وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ ٱلْمُصْطَفَيْنَ ٱلأَخْيَارِ * وَٱذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَٱلْيَسَعَ وَذَا ٱلْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنَ ٱلأَخْيَارِ * هَـٰذَا } الذي ذكرت { ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ * جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ ٱلأَبْوَابُ * مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ * وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ أَتْرَابٌ } لذات مستويات على ملاذ امرأة واحدة بنات ثلاث وثلاثين سنة، واحدها ترب { هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ } بالتاء.
ابن كثير وأبو عمر والباقون: بالياء.
{ لِيَوْمِ ٱلْحِسَابِ } أي في يوم الحساب.
قال الأعشى:
المهينين مالهم لزمان السوءحتّى إذا أفاق أفاقوا
أي في زمان السوء { إِنَّ هَـٰذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ } هلاك وفناء { هَـٰذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ } الكافرين { لَشَرَّ مَآبٍ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا } يدخلونها { فَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ * هَـٰذَا } أيّ هذا العذاب { فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ }.
قال الفراء: رفعت الحميم والغساق ب (هذا) مقدماً ومؤخراً، والمعنى هذا حميم وغساق فليذوقوه، وإن شئت جعلته مستأنفاً وجعلت الكلام فيه مكتفياً كاملا قلت: هذا فليذوقوه ثم قلت منه حميم وغساق.
كقول الشاعر:
حتّى إذا ما أضاء الصبح في غلسوغودر البقل ملوي ومحصود
واختلف القراء في قوله: (وغساق)، فشددها يحيى بن وثاب وحمزة والكسائي وخلف وحفص وهي قراءة أصحاب عبد الله، وخففها الآخرون.
قال الفراء: من شدد جعله اسماً على فَعّال نحو الخبّاز والطبّاخ. ومن خفف [جعله] اسماً على فِعال نحو العذاب.
واختلف المفسرون فيه:
فقال ابن عبّاس: هو الزمهرير يحرقهم ببرده كما تحرقهم النار.
وقال مجاهد ومقاتل: هو [الثلج] البارد الذي قد انتهى برده، أي يريد هو المبين بلغة الطحارية وقد بلغه النزل.
محمّد بن كعب: هو عصارة أهل النار.
قتادة والأخفش: هو مايغسق من قروح الكفرة والزناة بين لحومهم وجلودهم، أيّ تسيل.
قال الشاعر:
إذا ماتذكرت الحياة وطيبهاوإلي جرى دمع من العين غاسق
{ وَآخَرُ } قرأ أهل البصرة ومجاهد: (وأُخر) بضم الألف على جمع أُخرى،
واختاره أبو عبيد وأبو حاتم، لأنه نعته بالجمع فقال: أرواح مثل الكبرى والكبر.
وقرأ غيرهم: على الواحد واخر.
{ مِن شَكْلِهِ } مثله { أَزْوَاجٌ } أصناف من العذاب والكناية في شكله راجعة إلى العذاب في قوله هذا.
وأما قوله { هَـٰذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ } قال ابن عبّاس: هو أن القادة إذا دخلوا النار ثم دخل بعدهم الأتباع قالت الخزنة للقادة { هَـٰذَا } يعني الاتباع { فَوْجٌ } جماعة { مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ } النار، أيّ داخلوها كما دخلتم.
فقالت السادة: { لاَ مَرْحَباً بِهِمْ } يعني بالأتباع { إِنَّهُمْ صَالُواْ ٱلنَّارِ } كما صليناها، فقال الاتباع للسادة: { بَلْ أنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ أنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا } أيّ شرعتم وسننتم الكفر لنا { فَبِئْسَ ٱلْقَرَارُ } أي قرارنا وقراركم، والمرحب والرحب السعة، ومنه رحبة المسجد.
قال أبو عبيدة: يقول العرب للرجل: لامرحباً بك، أي لا رحبت عليك الأرض، أيّ اتسعت.
وقال القتيبي: معنى قولهم: مرحباً وأهلاً وسهلاً، أي أتيت رحباً وسعة، وأتيت سهلاً لاحزناً، وأتيت أهلاً لاغرباء، فأنس ولاتستوحش، وهي في مذهب الدعاء كما تقول: لقيت خيراً، فلذلك نصب.
قال النابغة:
لا مرحباً بغد ولا أهلاً بهإن كان تفريق الأحبة في غد