التفاسير

< >
عرض

وَمَا كَانَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوۤاْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ
١٢٢
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِّنَ ٱلْكُفَّارِ وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُتَّقِينَ
١٢٣
وَإِذَا مَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَـٰذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ
١٢٤
وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَىٰ رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ
١٢٥
أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ
١٢٦
وَإِذَا مَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ نَّظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِّنْ أَحَدٍ ثُمَّ ٱنصَرَفُواْ صَرَفَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ
١٢٧
لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ
١٢٨
فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ
١٢٩
-التوبة

الكشف والبيان

{ وَمَا كَانَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً } الآية قال ابن عباس في رواية الكلبي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج غازياً لم يتخلف إلاّ المنافقون والمعذرون فلما أنزل الله تعالى عيوب المنافقين ومن نفاقهم في غزوة تبوك قال المؤمنون: والله لا نتخلّف عن غزوة بعدها يغزوها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن سرية أبداً.
فلما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسرايا إلى الجهاد ونفر المسلمون جميعاً إلى الغزو وتركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده بالمدينة فأنزل الله تعالى: { وَمَا كَانَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً } يعني ليس لهم أن يخرجوا جميعاً إلى العدو ويتركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده.
{ فَلَوْلاَ نَفَرَ } فهلاّ خرج { مِن كُلِّ فِرْقَةٍ } قبيلة { مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ } جماعة { لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ } يعني الفرقة القاعدين فإذا رجعت السرايا وقد نزلت بعدهم قوله تعالى:
{ { ٱلْقَاعِدُونَ } [النساء: 95]. قالوا لهم اذا رجعوا: قد أنزل الله على نبيكم بعدكم قرآناً وقد تعلمنا فيمكث السرايا يتعلمون ما أنزل الله على نبيّهم من بعدهم ويبعث سرايا أُخر فذلك ليتفقهوا في الدين { وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوۤاْ إِلَيْهِمْ } وليعلمونهم الأمر { لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ } ولا يعملون خلافه.
وقال الحسن: هذا التفقه والإنذار راجع إلى الفرقة النافرة ومعنى الآية: { لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ } أي ليتبصّروا ويتيقنوا بما يريهم الله من الظهور على المشركين ونصرة الدين ولينذروا قومهم من الكفار إذا رجعوا إليهم من الجهاد فيخبروهم بنصر الله النبي والمؤمنين، ويخبرونهم أنهم لا يدان لهم بقتال النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، لعلهم يحذرون قتال النبي صلى الله عليه وسلم فينزل بهم ما نزل بأصحابهم من الكفار.
قال الكلبي: ولها وجه آخر: ذكر أن أحياءً من بني أسد بن خزيمة أصابتهم [سنة شديدة وأظهروا الشهادتين ولم يكونوا مؤمنين في السر فقدموا] حتى نزلوا بالمدينة فأفسدوا طرقها بالعذرات وأغلوا أسعارها فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال مجاهد: في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خرجوا في البوادي فأصابوا من الناس معروفاً وخصباً ودعوا من وجدوا من الناس إلى الهدى. قال الناس لهم: ما نراكم إلاّ وقد تركتم صاحبكم وجئتمونا فوجدوا في أنفسهم من ذلك حرج وأقبلوا كلهم من البادية حتى دخلوا على النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى: { وَمَا كَانَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ } ويستمعوا ما أنزل إليهم { وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ } الناس كلهم { إِذَا رَجَعُوۤاْ إِلَيْهِمْ } ويدعوهم إلى الله { لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ } بأس الله ونقمته باتباعهم وطاعتهم، وقعدت طائفة تريد المغفرة.
وقال عكرمة: لما نزلت { إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً } و { مَا كَانَ لأَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِّنَ ٱلأَعْرَابِ } الآية قال المنافقون من أهل البدو الذين تخلفوا عن محمد ولم ينفروا معه وقد كان ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجوا إلى البدو إلى قومهم ليفقهوهم، فأنزل الله تعالى في المعذر لأولئك هذه الآية.
وروى عن عبد الرزاق بن همام في قوله { فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوۤاْ إِلَيْهِمْ } قال: هم أصحاب الحديث.
{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِّنَ ٱلْكُفَّارِ } أمروا بقتال الأقرب فالأقرب إليهم في الدار والنسب.
قال ابن عباس: مثل قريظة والنضير وخيبر وفدك ونحوها.
ابن عمر: أراد بهم الروم لأنهم كانوا سكان الشام يومئذ، والشام كانت أقرب إلى المدينة من العراق.
وكان الحسن إذا سئل عن قتال الروم والديلم تلا هذه الآية.
{ وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً } شدة وحمية، وقال الضحاك: جفاء، وقال الحسن: صبراً على جهادهم { وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُتَّقِينَ } بالعون والنصر.
{ وَإِذَا مَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ } قراءة العامة: برفع الياء لمكان الهاء وقرأ عبيد بن عمير: أيكم بفتح الياء وكلّ صواب { زَادَتْهُ هَـٰذِهِ إِيمَاناً } قال الله تعالى: { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً } يقيناً وإخلاصاً وتصديقاً.
وقال الربيع: خشية { وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } يفرحون بنزول القرآن. عن الضحاك عن ابن عباس: (فإذا ما أنزلت سورة) يعني سورة محكمة فيها الحلال والحرام { فَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَـٰذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً } وتصديقاً بالفرائض مع إيمانهم بالرحمن { وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } بنزول الفرائض { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } شك ونفاق { فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَىٰ رِجْسِهِمْ } كفراً إلى كفرهم وضلالا إلى ضلالهم وشكاً إلى شكهم.
وقال مقاتل: إثماً إلى أثمهم { وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ } قال مجاهد في هذه الآية: الإيمان يزيد وينقص، وقال عمر بن الخطاب (رضي الله عنه): لو وزن إيمان أبو بكر (رضي الله عنه) بإيمان أهل الأرض لرجحهم، بلى إن الإيمان ليزيد وينقص، قالها ثلاث مرات.
وروى زيد الشامي عن ذر قال: كان عمر يأخذ بيد الرجل والرجلين من أصحابه فيقول: تعالوا حتى نزداد إيماناً.
قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): إن الإيمان يبدو لمظة بيضاء في القلب كلما ازداد الإيمان عظماً ازداد ملك الناس حتى يبيض القلب كله، وأن النفاق يبدو لمظة سوداء في القلب فكلما إزداد النفاق إزداد ذلك السواد فيسود القلب كله. فأيم الله لو شققتم عن قلب مؤمن لوجدتموه أبيض ولو شققتم عن قلب منافق لوجدتموه أسود.
وكتب الحسن إلى عمر بن الخطاب (رضي الله عنه): إن للإيمان تشاد شرائع وحدود وفرائض من استكملها استكمل الإيمان ومن لم يستكملها لم يستكمل الإيمان.
وقال ابن المبارك عن الحسن: إلاّ قرابة بزيادة الإيمان أو أردّ كتاب الله تعالى.
{ أَوَلاَ يَرَوْنَ } قرأ العامة بالياء خبراً عن المنافقين المذكورين، وقرأ حمزة و يعقوب: أو لا ترون بالتاء على خطاب المؤمنين، وهي قراءة أبي بن كعب. قرأ الأعمش: أو لم تر، وقرأ طلحة: أو لا ترى وهي قراءة عبد الله بن عمر { أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ } يختبرون { فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ } قال: يكذبون كذبة أو كذبتين يصلون فيه، وقال مجاهد: يفتنون بالقحط والغلاء، عطية: بالأمراض والأوجاع وهي روائد الموت.
قتادة: بالغزو والجهاد، وقيل: بالعدوّ، وقيل: يفتنون فيعرفون مرة وينكرون بأخرى. مرّة الهمداني: يفتنون يكفرون. مقاتل بن حيان: يفضحون بإظهار نفاقهم. عكرمة: ينافقون ثم يؤمنون ثمّ ينافقون كما أنهم ينقضون عهدهم في سنة مرة أو مرتين { ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ } من نقضهم { وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ } [بما صنع الله بهم] وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انقضوا عهودهم بعث إليهم السرايا فيقتلونهم. الحسن: يفتنون بالجهاد في سبيل الله مع رسوله ويرون تصديق ما وعده الله من النصر والظفر على من عاداه الله ثم لا يتوبون لما يرون من صدق موعد الله، ولا يتّعظون، الضحاك: يفتنون بالغلاء والبلاء ومنع القطر وذهاب الثمار ثم لا يرجعون عن نفاقهم ولا يتفكرون في عظمة الله، وفي قراءة عبد الله: وما يذكرون.
{ وَإِذَا مَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ } فيها عيب المنافقين وتوبيخهم { نَّظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ } كلام مختصر تقديره نظر بعضهم في بعض وقالوا أو أشاروا { هَلْ يَرَاكُمْ مِّنْ أَحَدٍ } إن قمتم فإن لم يرهم أحد خرجوا من المسجد وإن علموا أحداً يراهم قاموا فانصرفوا { ثُمَّ ٱنصَرَفُواْ } عن الإيمان بها، وقال الضحاك: هل يراكم من أحد يعني أطلع أحد منهم على سرائركم مخافة القتل قال الله { صَرَفَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُم } عن الإيمان بالقرآن { بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ } قال ابن عباس: لا تقولوا إذا صليتم: انصرفنا من الصلاة فإن قوماً انصرفوا فصرف الله قلوبهم، لكن قولوا قضينا الصلاة.
{ لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ } قراءة العامة بضم الفاء أي: من نسبكم تعرفون نسبه وحسبه وأي قبيلة من العرب من بني إسماعيل. قال ابن عباس: ليس في العرب قبيلة إلاّ وقد ولدت النبي صلى الله عليه وسلم مضريها وربيعها ويمانيها.
قال الصادق: لم يصبه شيء من ولادة الجاهلية.
أخبرنا عبد الله بن حامد، حدثنا حامد بن محمد. علي بن عبد العزيز. محمد بن أبي هاشم حدّثني المدني عن أبي الحويرث عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"ما ولدني من سفاح أهل الجاهلية وما ولدني إلاّ نكاح كنكاح الإسلام" فإن الله تعالى جعله من أنفسهم، فلا تحسدونه على ما أعطاه الله من النبوة والكرامة.
قرأ ابن عباس وابن ثعلبة: عبد الله بن فسيط المكي وابن محيصن والزهري { مِّنْ أَنفُسِكُمْ } بفتح الفاء أي من أشرفكم وأفضلكم من قولك: شيء نفيس إذا كان مرغوباً فيه. قال يمان: من أعلاكم نسباً { عَزِيزٌ } شديد { عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ } ماصلة أي عنتكم وهو دخول المشقة والمضرّة عليكم. قال ابن عباس: ما ضللتم. قال الضحاك والكلبي: أثمتم، وقال العتيبي: ما عنتكم وضرّ بكم، وقال ابن الأنباري: ما هلكتم عليه { حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ } أي على إيمانكم وهداكم وصلاحكم، وقال قتادة: حريص على ضالهم أن يهديه الله، وقال الفراء: الحريص الشحيح أن تدخلوا النار.
{ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ } رفيق { رَّحِيمٌ } قيل: رؤوف بالمطيعين رحيم بالمذنبين رؤوف بعباده رحيم بأوليائه. رؤوف بمن يراه رحيم بمن لم يره.
قال عبد العزيز بن يحيى: نظم الآية: "لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز حريص بالمؤمنين رحيم عليه ما عنتم لا يهمه إلاّ شأنكم وهو القائم بالشفاعة فلا تهتموا بما عنتم ما أقمتم على سنته فإنه لا يرضيه إلاّ دخولكم الجنة" لقوله صلى الله عليه وسلم:
"من ترك مالاً فلنؤتينه ومن ترك كلاًّ وديناً فعليّ وإليَّ" .
{ فَإِن تَوَلَّوْاْ } أعرضوا عن الإيمان وناصبوك { فَقُلْ حَسْبِيَ ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ } قراءة العامة بخفض الميم على العرش، وقرأ ابن محيصن: العظيم بالرفع على نعت الربّ، وقال الحسين بن الفضل: لم يجمع اللههِلأحد من الأنبياء بين اسمين من أسمائه إلاّ للنبي صلى الله عليه وسلم فإنه قال: { بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ } وقال تعالى: { إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ } [البقرة: 143].
وقال يحيى بن جعدة: قال عمر بن الخطاب (رضي الله عنه): لا تثبت آية في المصحف حتى يشهد عليها رجلان فجاء رجل من الأنصار بالآيتين من آخر سورة التوبة { لَقَدْ جَآءَكُمْ } فقال عمر: والله لا أسألك عليها بيّنة، كذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فأثبتهما، وهي آخر آية نزلت من السماء في قول بعضهم، وآخر سورة كاملة نزلت سورة براءة.
أخبرنا أبو عبد الله بن حامد، عن محمد بن الحسن عن علي بن عبد العزيز عن حجاج عن همام. عن قتادة قال: إن آخر القرآن عهداً بالسماء هاتان الآيتان خاتمة براءة { لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ } إلى قوله { رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ }.
أُبي بن كعب: إن أحدث القرآن عهداً بالله تعالى { لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ } إلى آخر السورة.