التفاسير

< >
عرض

إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذٰلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ
١١٩
-هود

الدر المصون

قوله تعالى: { إِلاَّ مَن رَّحِمَ }: ظاهرُه أنه متصلُ وهو استثناءٌ مِنْ فاعل "يَزالون" أو من الضمير في "مختلفين". وجوَّز الحوفي أن يكون استثناءً منقطعاً، أي: لكن مَنْ رَحِمَ لم يختلفوا، ولا ضرورةَ تدعو إلى ذلك. و "لذلك" في المشار إليه أقوال كثيرة أظهرها: أنه الاختلافُ المدلولُ عليه بمختلفين كقوله:

2731 ـ إذا نُهي السَّفيهُ جَرَىٰ إليه وخالفَ، والسَّفيهُ إلى خلافِ

رَجَعَ الضميرُ من "إليه" على السَّفَه المدلولِ عليه بلفظ "السَّفيه"، ولا بدَّ مِنْ حذفِ مضافٍ على هذا، أي: ولثمرة الاختلاف خَلَقَهم. واللامُ في الحقيقة للصيرورة، أي: خَلَقَهم ليصير أكثرهم إلى الاختلاف. وقيل: المراد به الرحمة المدلول عليها بقوله: "رحم" وإنما ذُكِّر ذهاباً بها إلى الخير. وقيل: المرادُ به المجموعُ منهما، وإليه نحا ابنُ عباس كقوله: { عَوَانٌ بَيْنَ ذٰلِكَ } [البقرة: 68]. وقيل: إشارةٌ إلى ما بعده من قوله: "وتَمَّت كلَّمة ربك، ففي الكلام تقديمٌ وتأخيرٌ، وهو قول مرجوح؛ لأن الأصلَ عدمُ ذلك. وقوله: "أجمعين" تأكيد، والأكثر أن تُسْبَقَ بـ"كل" وقد جاء هنا دونَها.
والجِنَّةُ والجِنُّ: قيل: واحد، والتاءُ فيه للمبالغة. وقيل: الجنَّة جمع جِنّ، وهو غريبٌ، فيكون مثل كَمْء للجمع وكَمْأة للواحد.