التفاسير

< >
عرض

حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَمْرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ قُلْنَا ٱحْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَآ آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ
٤٠
-هود

الدر المصون

قوله تعالى: { مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ }: قرأ العامة بإضافة "كل" لزوجين. وقرأ حفص بتنوين "كل". فأمَّا العامَّة فقيل: إن مفعول "احمل"اثنين" و { مِن كُلٍّ زَوْجَيْنٍ } في محل نصب على الحال من المفعول لأنه كان صفةً للنكرة فلما قُدِّم عليها نُصب حالاً. وقيل: بل "مِنْ" زائدة، و "كل" مفعول به، و "اثنين" نعت لزوجين على التأكيد، وهذا إنما يتمُّ على قول مَنْ يرى زيادةَ "مِنْ" مطلقاً، أو في كلامٍ موجب. وقيل: قوله: "زوجين" بمعنى العموم أي: من كل ما لَه ازدواجٌ، هذا معنى قوله: { مِن كُلٍّ زَوْجَيْنٍ } وهو قول الفارسي وغيره. قال ابن عطية: "ولو كان المعنىٰ: احمل فيها من كل زوجين حاصلين اثنين لوجب أن يَحْمل من كلِّ نوعٍ أربعةً، والزوج في مشهور كلامهم للواحد مما له ازدواجٌ".
وأمَّا قراءة حفص فمعناها من كل حيوان، و "زوجين" مفعول به، و "اثنين" نعتُ على التأكيد، و "مِنْ كلٍ" على هذه القراءة يجوز أن يتعلق بـ"احمل" وهو الظاهر، وأن يتعلق بمحذوف على أنها حال من "زوجين" وهذا الخلافُ والتخريجُ جاريان أيضاً في سورة
{ قَدْ أَفْلَحَ } [المؤمنون: 27].
قوله: { وَأَهْلَكَ } نسق على "اثنين" في قراءة مَنْ أضاف "كل" لزوجين، وعلى "زوجين" في قراءة مَنْ نوَّن "كلاً" وقولُه: { إِلاَّ مَن سَبَقَ } استثناءٌ متصل في موجَب، فهو واجبُ النصب على المشهور.
وقوله: { وَمَنْ آمَنَ } مفعول به نسقاً على مفعول "احمِلْ".