التفاسير

< >
عرض

إِن نَّقُولُ إِلاَّ ٱعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوۤءٍ قَالَ إِنِّيۤ أُشْهِدُ ٱللَّهَ وَٱشْهَدُوۤاْ أَنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ
٥٤
-هود

الدر المصون

قوله تعالى: { إِلاَّ ٱعْتَرَاكَ }: الظاهرُ أن ما بعد "إلا" مفعول بالقول قبله، إذ المرادُ: إن نقول إلا هذا اللفظَ فالجملةُ محكيةٌ نحو قولك: "ما قلت إلا زيد قائم". وقال أبو البقاء: "الجملةُ مفسرةٌ لمصدرٍ محذوف، التقدير: إن نقول إلا قولاً هو اعتراك، ويجوز أن يكونَ موضعُها نصباً، أي: ما نذكر إلا هذا القول" وهذا غير مُرْضٍ؛ لأن الحكاية بالقول معنى ظاهر لا يَحْتاج إلى تأويل، ولا إلى تضمينِ القولِ بالذِّكْر.
وقال الزمخشري: "اعتراك" مفعول "نقول" و "إلا" لغوٌ، أي: ما نقول إلا قولنا "اعتراك". انتهى. يعني بقولَه "لَغُو" أنه استثناءٌ مفرغ، وتقديره بعد ذلك تفسيرُ معنى لا إعراب، إذ ظاهرُه يقتضي أن تكونَ الجملةُ منصوبةً بمصدر محذوف، ذلك المصدرُ منصوبٌ بـ"نقول" هذا الظاهر. ويُقال: اعتراه بكذا يَعْتريه، وهو افتعلَ مِنْ عَراه يَعْرُوه إذا أصابَه، والأصل: اعْتَرَوَ من العَرَوْ، مثل: اغتَرَوا مِن الغَزْو، فتحرك حرفُ العلة وانفتح ما قبله فقُلب ألفاً، وهو يتعدَّى لاثنين ثانيهما بحرف الجر.
قوله: { أَنِّي بَرِيۤءٌ } يجوز أن يكون من باب الإِعمال لأنَّ "أُشْهِدُ" يطلبُه، و "اشْهدوا" يطلبه أيضاً، والتقدير: أُشْهد اللَّه على أنه بريء، واشهدوا أنتم عليه أيضاً، ويكون من إعمال الثاني، لأنه لو أَعْمل الأول لأضمر في الثاني: ولا غَرْو في تنازع المختلفين في التعدي واللزوم.
و "مِمَّا تُشْركون" يجوز أن تكونَ "ما" مصدريةً، أي: مِنْ إشراككم آلهةً مِنْ دونه، أو بمعنى الذي، أي: مِن الذين تشركونه مِن آلهةٍ مِن دونه، أي أنتم الذين تجعلونها شركاءَ.