التفاسير

< >
عرض

قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِيۤ أَن تَذْهَبُواْ بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ ٱلذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ
١٣
-يوسف

الدر المصون

قوله تعالى: { أَن تَذْهَبُواْ }: فاعل "يَحْزُنني"، أي: يَحْزنني ذهابُكم. وفي هذه الآيةِ دلالةٌ على أنَّ المضارعَ المقترن بلام الابتداء لا يكون حالاً، والنحاةُ جَعَلوها مِن القرائن المخصصة للحال، ووجه الدلالة أنَّ "أَنْ تَذْهبوا" مستقبلٌ لاقترانه بحرفِ الاستقبال وهي "أنْ"، وما في حيزها فاعلٌ، فلو جَعَلْنا "لَيَحْزُنني" حالاً لزم سَبْقُ الفعل لفاعله وهو محالٌ. وأجيب عن ذلك بأنَّ الفاعلَ في الحقيقة مقدرٌ حُذِف هو وقام المضافُ إليه مَقامه، والتقدير: ليحزنني تَوَقُّعُ ذهابِكم.
وقرأ زيد بن علي وابن هرمز وابن محيصن: "لَيَحْزُنِّي" بالإِدغام. وقرأ زيد بن علي وحده "تُذْهبوا" بضم التاء مِنْ أذهب، وهو كقوله: { تُنْبُتُ بِٱلدُّهْنِ } [المؤمنون: 20] في قراءة مَنْ ضم التاء فتكون الباءُ زائدةً أو حالية.
و "الذئب" يُهْمَز ولا يُهْمز، وبعدم الهمزة قرأ السوسي والكسائي وورش، وفي الوقف لا يهمزه حمزة، قالوا: وهو مشتقٌّ مِنْ "تذاءَبَتِ الرِّيح": إذا هَبَّتْ مِنْ كل جهة لأنه يأتي كذلك، ويُجْمع على ذِئاب وذُؤبان وأَذْئُب قال:

2752 ـ وأَزْوَرَ يَمْطُو في بلادٍ بعيدةٍ تَعاوَىٰ به ذُؤْبانه وثعالِبُهْ

وأرضٌ مَذْأَبة: كثيرة الذئاب، وذُؤابة الشعر لتحرُّكِها وتَقَلُّبها، مِنْ ذلك.
وقوله: { وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ } جملة حالية العامل فيها "يأكله".