التفاسير

< >
عرض

قَالَ رَبِّ ٱلسِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِيۤ إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ ٱلْجَاهِلِينَ
٣٣
-يوسف

الدر المصون

قوله تعالى: { رَبِّ ٱلسِّجْنُ }: العامَّة على كسر الباء لأنه مضافٌ لياء المتكلم، اجتُزِىءَ عنها بالكسرةِ وهي الفصحى. و "السجن" بكسر السين ورفعِ النون على أنه مبتدأ، والخبر "أحبُّ". والسِّجْن الحبس، والمعنىٰ: دخول السجن.
وقرأ بعضهم: "رَبُّ" بضمِّ الباء وجَرِّ النون على أنَّ "ربُّ" مبتدأ و "السجنِ" خفض بالإِضافة، و "أحبُّ" خبرُه، والمعنى: ملاقاةُ صاحبِ السجن ومقاساتُه أحبُّ إليّ.
وقرأ عثمان ومولاه طارق وزيد بن علي والزهري وابن أبي إسحاق وابن هرمز ويعقوب بفتح السين، وفي الباقي كالعامَّة. والسَّجْن مصدر، أي: الحَبْس أحبُّ إلي، و "إليَّ" متعلقٌ بـ"أحبُّ" وقد تقدَّم أن الفاعل هنا يُجَرُّ بـ"إلى" والمفعول باللام،/ وفي الحقيقة ليست هنا أَفْعَل على بابها من التفضيل لأنه لم يُحبَّ ما يدعونه إليه قط، وإنما هذان شَرَّان فآثر أحدَ الشَّرين على الآخر.
قوله: { أَصْبُ } قرأ العامة بتخفيف الباء مِنْ صَبا يَصْبو أي: رَقَّ شَوْقُه. والصَّبْوة: المَيْلُ إلى الهوىٰ، ومنه "الصَّبا" لأنَّ النفوس تَصْبو إليها أي: تميل، لطيب نسميِها ورَوْحِها يقال: صَبَا يَصْبُو صَباءً وصُبُوَّاً، وصَبِيَ يُصْبَىٰ صَبَاً، والصِّبا بالكسر اللَّهْوُ واللعب.
وقرأت فرقة "أَصَبُّ" بتشديدها مِنْ صَبْبتُ صَبابة فأنا صَبٌّ، والصَّبابَةُ: رِقَّةُ الشوق وإفراطه كأنه لفرط حبه ينصبُّ فيما يَهْواه كما ينصبُّ الماء.