التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ ٱلْبَوَارِ
٢٨
-إبراهيم

الدر المصون

قوله تعالى: { بَدَّلُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ كُفْراً } فيه أوجهٌ:
أحدُها: أنَّ الأصلَ بَدَّلوا شكرَ نعمةِ [الله] كفراً، كقوله:
{ { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ } [الواقعة: 82] [أي]: شُكر رزقكم، وَجَبَ عليهم الشكرُ فوضَعُوا موضعَه الكفرَ.
الثاني: أنهم بدَّلوا نفسَ النعمةِ كفراً، على أنهم لمَّا كَفَروها سُلِبوها، فبَقُوا مَسْلوبِي النعمةِ موصوفين بالكفر حاصلاً لهم. قالهما الزمخشري. قلت: وعلى هذا فلا يُحتاج إلى حَذْفِ مضاف على هذا، وقد تقدَّم أن "بَدَّلَ" يتعدَّى لاثنين، أَوَّلُهما من غير حرف، والثاني بالباء، وأن المجرورَ هو المتروكُ، والمنصوبَ هو الحاصلُ، ويجوز حَذْفُ الحرفِ، فيكونُ المجرورُ بالباءِ هنا هو "نعمة" لأنها المتروكةُ. وإذا عَرَفْتَ هذا عَرَفْتَ أنَّ قولَ الحوفيِّ وأبي البقاء أنَّ "كفراً" هو المفعولُ الثاني ليس بجيدٍ؛ لأنه هو الذي يَصِل إليه الفعل بنفسِه لا بحرف الجر، وما كان كذا فهو المفعولُ الأول.