التفاسير

< >
عرض

أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّيْنَ مِن ذُرِّيَّةِ ءَادَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَٱجْتَبَيْنَآ إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ ٱلرَّحْمَـٰنِ خَرُّواْ سُجَّداً وَبُكِيّاً
٥٨
-مريم

الدر المصون

قوله: { مِّنَ ٱلنَّبِيِّيْنَ مِن ذُرِّيَّةِ }: "مِن" الأولى للبيان؛ لأنَّ كلَّ الأنبياء مُنَعَّمٌ عليهم، فالتبعيضُ مُحالٌ، والثانيةُ للتبعيض، فمجرورُها بدلٌ مما قبلَه بإعادة العاملِ، بدلُ بعضٍ من كل.
قوله: "وإسرائيلَ" عطفٌ على "إبراهيمَ".
قوله: { وَمِمَّنْ هَدَيْنَا } يحتمل أَنْ يكونَ عطفاً على { مِّنَ ٱلنَّبِيِّيْنَ }، وأن يكونَ عطفاً على { مِن ذُرِّيَّةِ ءَادَمَ }.
قوله: { إِذَا تُتْلَىٰ } جملةٌ شرطيةٌ فيها قولان، أظهرهما: أنها لا مَحَلَّ لها لاستئنافِها. والثاني: أنها خبرُ "أولئك"، والموصولُ قبلها صفةٌ لاسم الإِشارة، وعلى الأول يكون الموصولُ نفسَ الخبر. وقرأ العامَّةُ "تُتلى" بتاءين مِنْ فوقُ. وقرأ عبد الله وشيبةُ وأبو جعفر وابن كثير وابن عامر وورشٌ عن نافع في رواياتٍ شاذة بالياء أولاً مِنْ تحتُ، والتأنيثُ مجازيٌّ فلذلك جاء في الفعلِ الوجهان.
قوله: "سُجَّدا" حالٌ مقدرة. قال الزجاج: "لأنهم وقتَ الخُرورِ ليسوا سُجَّداً".
و"بُكِيَّا" فيه وجهان، أظهرهما: أنه جمع باكٍ، وليس بقياسِه، بل قياسُ جَمْعِه على فُعَلة، كقاضٍ وقُضاة، ولم يُسمع فيه هذا الأصلُ. وقد تقدَّم أنَّ الأخوين يكسِران فاءَه على الإِتباع. والثاني: أنه مصدرٌ على فُعُوْل نحو: جَلَسَ جُلُوْساً، وقَعَدَ قُعوداً. والأصلُ فيه على كِلا القولين بُكُوْي بواوٍ وياء، فأُعِلَّ الإِعلالَ المشهور في مثله. وقال ابن عطية: "وبكيَّا بكسر [الباء] وهو مصدرٌ لا يحتمل غيرَ ذلك". قال الشيخ: "وليس بسديدٍ بل الإِتباعُ جائزٌ فيه". وهو جمعٌ كقولِهم عُصِيّ ودُليّ، جمع عَصا ودَلْو، وعلى هذا فيكون "بكيَّاً": إمَّا مصدراً مؤكداً لفعلٍ محذوف، أي: وبَكَوْا بُكِيَّاً، أي: بكاءً، وإمَّا مصدراً واقعاً موقع الحال، أي: باكين أو ذوي بكاءً، أو جُعِلوا [نفس] البكاءِ مبالغةً.