التفاسير

< >
عرض

ٱلشَّهْرُ ٱلْحَرَامُ بِٱلشَّهْرِ ٱلْحَرَامِ وَٱلْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَٱعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُتَّقِينَ
١٩٤
-البقرة

الدر المصون

قوله تعالى: { ٱلشَّهْرُ ٱلْحَرَامُ بِٱلشَّهْرِ } مبتدأٌ خبرُه الجارُّ بعده، ولا بُدَّ من حَذْفِ مضافٍ/ تقديرُه: انتهاكُ حرمةِ الشهرِ الحرام بانتهاكِ حرمةِ الشهرِ، والألفُ واللامُ في الشهر الأول والثاني للعهد، لأنهما معلومان عند المخاطبين، فإنَّ الأولَ ذو القعدة من سنة سبع، والثاني من سنة ست.
وقرىء: "والحُرْمات" بسكون الراء، ويُعْزى للحسن، وقد تقدَّم أنَّ جمعُ فَعْلَة بشروطِها يجوزُ فيه ثلاثة أوجه: هذان الاثنانِ وفَتْحُ العين، عند قوله
{ فِي ظُلُمَاتٍ } [البقرة: 17] وقوله: { فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ } يجوزُ في "مَنْ" وجهان، أحدُهما: أن تكونَ شرطيةً وهو الظاهرُ فتكونُ الفاء جواباً. والثاني: أن تكونَ موصولةً فتكونَ الفاءُ زائدةً في الخبر، وقد تقدَّم لذلك نظائر.
قوله: { بِمِثْلِ مَا ٱعْتَدَىٰ } في الباء قولان، أحدُهما: أن تكونَ غيرَ زائدةٍ، بل تكونُ متعلقةً باعتدوا، والمعنى بعقوبةٍ مثلِ جنايةِ اعتدائِه. والثاني: أنها زائدةٌ أي: مثلَ اعتدائه، فتكون: إمّا نعتاً لمصدرٍ محذوف أي: اعتداء مماثلاُ لاعتدائه، وإمَّا حالاً من المصدرِ المحذوفِ كما هو مذهبُ سيبويه أي: فاعتدوا الاعتداء مُشْبِهاً اعتداءَه. و "ما" يجوزُ أن تكونَ مصدريةً فلا تفتقر إلى عائدٍ، وأَنْ تكونَ موصولةً فيكونُ العائدُ محذوفاً، أي: مثلَ ما اعتدى عليكم به، وجاز حذفُه لأنَّ المضافَ إلى الموصول قد جُرَّ بحرفٍ جُرَّ به العائدُ واتَّحد المتعلَّقان.