قوله تعالى: { ٱلْكِتَابَ وَٱلْفُرْقَانَ }.. مفعولٌ ثانٍ لآتينا، وهل المرادُ بالكتاب والفرقانِ شيءٌ واحدٌ وهو التوراةُ؟ كأنه قيل: الجامعُ بينَ كونِه كتاباً مُنَزَّلاً وفرقاناً يَفْرُق بين الحقِّ والباطلِ، نحو: رأيت الغيثَ والليثَ، وهو من باب قولِه:
464ـ إلى المَلِك القَرْمِ وابنِ الهُمَامِ .................................
أو لأنه لمَّا اختَلَفَ اللفظُ جازَ ذلك كقوله:
465ـ فَقَدَّمَتِ الأَدِيمَ لراهِشَيْهِ وأَلْفَى قولَها كَذِباً وَمَيْنَا
وقوله:
466ـ ............................... وهندٌ أتىٰ مِنْ دَوْنِها النَّأْيُ والبُعْدُ
وقولهِ:
467ـ .................................. أَقْوَى وأَفْقَرَ بعدَ أُمِّ الهَيْثَمِ
قال النحاس: "هذا إنما يجوزُ في الشِّعْر، فالأحسنُ أن يُرادَ بالفرقان ما علَّمه اللهُ موسى من الفَرْق بين الحق والباطل". وقيل: الواوُ زائدة، و "الفرقان" نعتٌ للكتاب أو "الكتابُ" التوراةُ، و "الفرقانُ" ما فُرِّقَ به بين الكُفْر والإِيمانِ، كالآياتِ من نحو العَصا واليد، أو ما فُرِّقَ به بين الحلالِ والحَرام من الشرائعِ.
والفُرْقُانُ في الأصلِ مصدرٌ مثلُ الغُفْران. وقد تقدَّمَ معناهُ في { { فَرَقْنَا بِكُمُ ٱلْبَحْرَ } [البقرة: 50]. وقيل: الفرقانُ هنا اسمُ للقرآنِ، قالوا: والتقديرُ: ولَقَدْ آتَيْنَا موسىٰ الكتابَ ومحمداً الفرقانَ. قال النحاس: "هذا خطأٌ في الإِعرابِ والمعنى، أمَّا الإِعرابُ فلأنَّ المعطوفَ على الشيءِ مثلُه، وهذا يخالِفُه، وأمَّا المعنى فلقولِه: { { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَارُونَ ٱلْفُرْقَانَ } [الأنبياء: 48].