التفاسير

< >
عرض

قَالاَ رَبَّنَآ إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَآ أَوْ أَن يَطْغَىٰ
٤٥
-طه

الدر المصون

قوله: { أَن يَفْرُطَ }: "أَنْ يَفْرُطَ" مفعولُ "نخاف". ويقال: فَرَطَ يَفْرُط: سَبَقَ وَتَقَدَّم، ومنه الفارِطُ. وهو الذي يتقدَّم الورادةَ إلى الماء وفَرَسٌ فَرَطٌ: يسبقُ الخيلَ، أي: نخافُ أَنْ يُعَجِّلَ علينا بالعقوبةِ ويبادِرَنا بها، قاله الزمخشري، ومِنْ وُرودِ الفارط بمعنى المتقدِّم على الواردة قولُ الشاعر:

3292ـ واسْتعجلونا وكانوا مِنْ صحابَتنا كما تَقَدَّم فُرَّاطُ لوُرَّادِ

وفي الحديث: "أنا فَرَطُكم على الحَوْضِ" أي: سابقُكم ومتقدِّمُكم.
وقرأ يحيى بن وثاب وابنُ محيصن وأبو نَوْفلٍ "يُفْرَط" بضمِّ حرف المضارعة وفتح الراء على البناء للمفعول، والمعنىٰ: خافا أن يُسْبَقَ في العقوبةِ. أي: يحملُه حامِلٌ عليها وعلى المعاجلة بها: إمَّا قومُه وإمَّا حُبُ الرئاسةِ، وإمَّا ادِّعاؤه الإِلَهيةَ.
وقرأ ابن محيصن في روايةٍ والزعفراني "أَن يُفَرِّطَ" بضمِّ حرفِ المضارَعَةِ وكسر الراء مِنْ أفرط. قال الزمخشري: "مِنْ أَفْرَطَه غيرُه إذا حمله على العَجَلة، خافا أَنْ يَحْمِلَه حاملٌ على المُعاجلة بالعقاب". قال كعب ابن زهير.

3293ـ تَنْفِي الرياحُ القَذَىٰ عنه وأَفْرَطَه مِنْ صَوْبِ ساريةٍ بِيْضٌ يَعالِيْـلُ

أي: سَبَقَتْ إليه هذه البِيْضُ لتملأَه. وفاعلُ "يَفْرُطَ" ضميرُ فرعون. وهذا هو الظاهر الذي ينبغي أَنْ لا يُعْدَلَ عنه. وجعله أبو البقاء مضمراً لدلالة الكلامِ عليه فقال "فيجوز أن يكون التقدير: أن يَفْرط علينا منه قولٌ، فأضمر القولَ لدلالة الحالِ عليه كما تقول: فَرَطَ مني قول، وأن يكونَ الفاعلُ ضميرَ فرعون كما كان في "يَطْغىٰ".