التفاسير

< >
عرض

قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ ٱلرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي
٩٦
-طه

الدر المصون

قوله: { بَصُرْتُ }: يقال: بَصُرَ بالشيءِ أي عَلِمه، وأبصرَه. أي : نظر إليه. كذا قاله الزجاج. وقال غيره: "بَصْرَ به وأبصره بمعنى علم".
والعامَّةُ على ضم الصاد في الماضي ومضارعِه. وقرأ الأعمش وأبو السَّمَّال "بَصِرْتُ" بالكسر، يَبْصَروا بالفتح وهي لغة. وعمرُو بن عبيد بالبناء للمفعول في الفعلين أي: أُعْلِمْتُ بما لم يُعْلَموا به.
وقرأ الأخَوان "تَبْصُروا" خطاباً لموسىٰ وقومه أو تعظيماً له كقوله:
{ إِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ } [الطلاق: 1] و [قوله]:

3314ـ ....... حَرَّمْتُ النساءَ سواكُمُ .......................

والباقون بالغَيْبة عن قومه.
والعامَّةُ على فتحِ القافِ من "قَبْضَة" وهي المرَّةُ من قَبَضَ. قال الزمخشري: "وأمَّا القَبْضَةُ فالمَرَّةُ من القَبْض، وإطلاقُها على المقبوضِ مِنْ تسمية المفعولِ بالمصدر" قلت: والنحاة يقولون: إن المصدرَ الواقعَ كذلك لا يُؤَنَّثُ بالتاء تقول: هذه حُلَّةٌ نَسْجُ اليمن" ولا تقول: نَسْجَةُ اليمن. ويعترضون بهذه الآية، ثم يُجيبون بأنَّ الممنوعَ إما هو التاءُ الدالةُ على التحديدِ لا على مجرد التأنيث. وهذه التاءُ دالَّةٌ على مجردِ التأنيث، وكذلك قوله:
{ وَٱلأَرْضُ جَمِيعـاً قَبْضَـتُهُ } [الزمر: 67].
وقرأ الحسن "قُبْضَة" بضم القاف وهي كالغُرْفَة والمُضْغة في معنى المَغْروف والمقبوض. ورُوي عنه "قُبْصَة" بالصاد المهملة. والقَبْضُ بالمعجمة بجميع الكفِّ، وبالمهملة بأطرافِ الأصابع. وله نظائر كالخَضْمِ وهو الأكلُ بجميع الفمِ، والقَضْمِ بمقدَّمِه. والقَصْمُ: قطعٌ بانفصالٍ، والفَصْمُ بالفاء باتصالٍ. وقد تقدم شيءٌ من ذلك في البقرة.
وأدغم ابن محيصن الضادَ المعجمة في تاءِ المتكلم مع إبقائه الإِطباقَ، كما تقدَّم [في] "بَسَطْتَ". وأدغم الأخَوان وأبو عمروٍ الذال في التاء مِنْ "فَنَبَذْتُها".