التفاسير

< >
عرض

لِّكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ فَلاَ يُنَازِعُنَّكَ فِي ٱلأَمْرِ وَٱدْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَىٰ هُدًى مُّسْتَقِيمٍ
٦٧
-الحج

الدر المصون

قوله: { هُمْ نَاسِكُوهُ }: هذه الجملةُ صفةٌ لـ مَنْسَكاً. وقد تقدَّم أنه يُقْرَأُ بالفتح والكسر. وتقدَّم الخلافُ فيه: هل هو مصدرٌ أو مكانٌ؟ وقال ابنُ عطية: "ناسِكوه يُعطي أنَّ المَنْسَك المصدرُ، ولو كان مكاناً لقال: ناسِكون فيه" يعني أنَّ الفعلَ لا يَتَعَدَّىٰ إلى ضمير الظرفِ إلاَّ بواسطةِ "في". وما قاله غيرُ لازمٍ؛ لأنه قد يُتَّسع في الظرف فيجري مَجْرَىٰ المفعولِ به، فيصِلُ الفعلُ إلى ضميرِه بنفسه، وكذا ما عَمِلَ عَمَلَ الفعل. ومن الاتِّساع في ظرفِ الزمان قوله:

3398ـ ويومٍ شَهِدْنَاه سُلَيْمَى وعامراً قليلٍ سوى الطَّعْنِ النِّهالِ نوافِلُهْ

ومن الاِّتساع في ظرفِ المكان قولُه:

3399ـ ومَشْرَبٍ أَشْرَبُه وَشِيْلِ لا أَجِنِ الطَّعْمِ ولا وَبِيْلِ

يريد: أشرب فيه.
قوله: { فَلاَ يُنَازِعُنَّكَ } وقُرِىء بالنون الخفيفة. وقرأ أبو مجلز: "فلا يَنْزِعُنَّك" مِنْ كذا أي: قَلَعْتُه منه. وقال الزجاج: "هو مِنْ نازَعْتُه فَنَزَعْته أنْزَعُه أي: غَلَبْتُهُ في المنازَعَة". ومجيءُ هذهِ الآيةِ كقولِه تعالىٰ: { فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا } وقولهم: لا أُرَيَنَّك ههنا. وهنا جاء قولُه { لِّكُلِّ أُمَّةٍ } من غير واوٍ عطفٍ، بخلافِ ما تَقَدَّم مِنْ نظيرتِها فإنها بواوِ عطفٍ. قال الزمخشري: "لأنَّ "تلك" وَقَعَتْ مع ما يُدانيها ويناسِبُها من الآيِ الواردةِ في أمر النسائِكِ، فَعُطِفَتْ على أخواتها، وأمَّا هذه فواقعةٌ مع أباعدَ مِنْ معناها فلم تجد مَعْطَفاً.