التفاسير

< >
عرض

وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَآئِهِنَّ أَوْ آبَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِيۤ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَآئِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ ٱلتَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي ٱلإِرْبَةِ مِنَ ٱلرِّجَالِ أَوِ ٱلطِّفْلِ ٱلَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَىٰ عَوْرَاتِ ٱلنِّسَآءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
٣١
-النور

الدر المصون

قوله: { وَلْيَضْرِبْنَ }: ضَمَّن "يَضْرِبْنَ" معنى يُلْقِيْنَ فلذلك عدَّاه بـ"على". وقرأ أبو عمروٍ في روايةٍ بكسرِ لامِ الأمرِ.
وقرأ طلحة "بخُمْرِهنَّ" بسكونِ الميمِ، وتسكين فُعُل في الجمع أَوْلَى مِنْ تسكينِ المفردِ. وكَسَر الجيمَ مِنْ "جُيُوْبِهِنَّ" ابنُ كثير والأخَوان وابن ذَكْوان.
والغَضُّ: إطباقُ الجَفْنِ بحيث يمنعُ الرؤية. قال:

3441ـ فَغُضِّ الطَرْفَ إنَّك مِنْ نُمَيْرٍ فلا كعباً بَلَغْتَ ولا كِلابا

والخُمُر: جمع خِمار. وفي القلَّة يُجْمَعُ على "أَخْمِرَة"، قال امرؤُ القيس:

3442ـ وَتَرى الشَّجْراءَ في رَيِّقِهِ كَرُؤوسِ قُطِعَتْ فيها الخُمُرْ

والجَيْبُ: ما في طَوْقِ القميصِ، يبدو منه بعضُ الجَسَدِ.
قوله: { غَيْرِ أُوْلِي } قرأ ابن عامر وأبو بكر "غيرَ" نصباً. وفيه وجهان، أحدُهما: أنَّه استثناءٌ، والثاني: أنَّه حالٌ، والباقون "غيرِ" بالجرِّ نعتاً، أو بدلاً، أو بياناً، والإِرْبَةُ: الحاجةُ. وتقدَّم اشتقاقُها في طه.
قوله: { مِنَ ٱلرِّجَالِ } حالٌ من "أُولي", وأمَّا قولُه: "أو الطفلِ الذين" فقد تقدَّم في الحج أن "الطفلَ" يُطْلَقُ عل المثنى والمجموعِ فلذلك وُصِفَ بالجمع. وقيل: لَمَّا قُصِد به الجنسُ رُوْعي فيه الجمعُ فهو كقولِهم: "أهلكَ الناسَ الدينارُ الحُمْرُ والدِّرْهَمُ البيضُ".
و"عَوْرات" جمعُ عَوْرَة وهو: ما يريدُ الإِنسانُ سَتْره من بَدَنِه، وغَلَبَ في السَّوْءَتين. والعامَّةُ على "عَوْرات" بسكون الواوِ، وهي لغةُ عامَّةِ العربِ، سَكَّنوها تخفيفاً، لحرفِ العلة. وقرأ ابنُ عامر في روايةٍ "عَوَرات" بفتح العين. ونقل ابن خالويه أنها قراءةُ ابن أبي إسحاق والأعمش. وهي لغةُ هُذَيْلِ بن مُدْرِكَة. قال الفراء: "وأنشدَني بعضُهم:

3443ـ أخُو بَيَضاتٍ رائِحٌ متأوِّبُ رفيقٌ بمَسحِ المَنْكِبَيْنِ سَبُوحُ

وجعلها ابن مجاهد لحناً وخطـأ، يعني من طريق الرواية، وإلاَّ فهي لغة ثابتة.
قوله: { أَيُّهَا ٱلْمُؤْمِنُونَ } العامَّةُ على فتح الهاء وإثباتِ ألفٍ بعد الهاء، وهي "ها" التي للتنبيه. وقرأ ابن عامر هنا وفي الزخرف { يٰأَيُّهَا ٱلسَّاحِرُ } [الآية: 49]، في الرحمن { أَيُّهَا ٱلثَّقَلاَنِ } [الآية: 31] بضم الهاء وصلاً، فإذا وَقَفَ سَكَّن. ووجْهُها: أنه لَمَّا حُذِفَتِ الألفُ لالتقاءِ الساكنين اسْتُخِفَّتْ الفتحةُ على حرفٍ خَفِيّ فَضُمَّتْ الهاءُ إتباعاً. وقد رُسِمَتْ هذه المواضعُ الثلاثةُ دونَ ألفٍ. فوقَفَ أبو عمروٍ والكسائيُّ بألفٍ، والباقون بدونِها، إتْباعاً للرَّسْمِ ولموافقةِ الخَطِّ للفظِ، وثَبَتَتْ في غير هذه المواضعِ حَمْلاً لها على الأصل، نحو:
{ يَاأَيُّهَا ٱلنَّاسُ } [البقرة: 21]، { { يَآأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [البقرة: 153] وبالجملةِ فالرسمُ سُنَّةُ مُتَّبَعَةٌ.