التفاسير

< >
عرض

الۤمۤ
١
-آل عمران

الدر المصون

قد تقدَّم الكلامُ على هذا مشعباً، ولكنْ نَقَل الجرجانيُّ هنا أن "ألم" إشارةٌ إلى حروفِ المعجمِ كأنه يقول: هذه الحروفُ كتابُك أو نحوُ هذا، ويدلُّ: { { لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ نَزَّلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ } [آل عمران: 2-3] على ما تَرَكَ ذِكْرَه من خبرِ هذه الحروفِ، وذلك في نَظْمِه مثلُ قولِه تعالى: { أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِ } [الزمر: 22] وتركَ الجوابَ لدلالةِ قولِه: { فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِّن ذِكْرِ ٱللَّهِ } [الزمر: 22] عليه تقديرُه: كَمَنْ قسا قلبُه، ومنه قَولُ الشاعر:

1156ـ فلا تَدْفِنوني إنَّ دَفْني مُحَرَّمٌ عليكم ولكنْ خامِري أمُّ عامرِ

أي: ولكن اتركوني للتي يقال لها "خامري أم عامر". انتهى.
قال ابنُ عطية: يَحْسُن في هذا القول - يعني قولَ الجرجاني - أن يكون "نَزَّل" خبرَ قولِه "الله" حتى يرتبطَ الكلامُ إلى هذا المعنى. قال الشيخ "وهذا الذي ذكره الجرجاني فيه نظرٌ، لأنَّ مُثُلَه ليست صحيحة الشبهِ بالمعنى الذي نحا إليه، وما قاله في الآية محتملٌ، ولكنَّ الأبرعَ في الآية أن "ألم" لا تَضُمُّ ما بعدها إلى نفسها في المعنى، وأن يكونَ قولُه:
{ ٱللَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ } [آل عمران: 2] كلاماً مبتدأً جزماً جملةً رادَّةً على نصارى نَجْران". قلت: هذا الذي ردَّه الشيخ على القاضي الجرجاني هو الذي اختاره الجرجاني وتبجَّج به، وجَعَله أحسنَ الأقوالِ التي حكاها في كتابه "نظم القرآن".